أنا أم لطفلان ذكر وطفلة (أنثى)...بنتي تهوى اللعب بالعاب الأولاد الذكور وفي آخر مرة اشتركت مع أخوها في دورة لكرة القدم... هل هذا طبيعي أم يجب العمل على عدم اشراكها في الدورة ..؟ هي تحب أن تلبس الفساتين

2015-07-29

يهتم الأطفال بالعادة بألعاب وبأنشطة الجنس الآخر، بل أكثر من ذلك، في العديد من الحالات قد يُعَرِّف الأطفال أنفسهم على أنهم الجنس الآخر تماهيا مع إعجابهم بعالم الجنس الآخر. إذ قد يقول الطفل الذكر "أنا بنت" ويرتدي ملابس البنات ويضع حلى وإكسسوارات خاصة بالبنات، وقد تُصر البنت على تعريف نفسها بأنها "ولد" فتهتم بألعاب الذكور وتُفضّل صحبتهم على مصاحبة البنات من جيلها. 

كل ذلك طبيعي جدا لأن الطفل - وكما تشير الأبحاث -ومن خلال مراقبته للأدوار الاجتماعية للذكور وللإناث (ما يعرف بالأدوار الجندرية)، يتولد لديه شعورا ما من عدم "العدالة" أو الغيرة من الجنس الآخر، فمثلا قد يشعر الولد الذكر بأن "البنات يلبسن بنطلون وأيضا فساتين ويضعن الأقراط و....." بينما هو لا يملك هذا الحق. أما البنات فينظرن إلى عالم الذكور على أنه "حر، قوي، غني بالحركة الجسدية التي تتطلب قوة وبراعة وتحدي..." وهو بالشيء غير المسموح به في عالمهن.
 
الاهتمام بالألعاب المخصصة للجنس الآخر - وفق ما هو "مقبول" اجتماعيا - يستمر حتى فترة المراهقة، حيث تبدأ الأنماط السلوكية للنوعين، للذكور والإناث، تتجذر، متأثرة بالعلاقات السائدة داخل المدرسة وفي الأطر الاجتماعية  الأخرى خارجها.  بحيث يتبنى غالبية الأطفال من الجنسين "ما هو مقبول" اجتماعيا، وبالتالي ينحسر الاهتمام "بتقاليد" الجنس الآخر ويبدأ كل منهم ببلورة الهوية الجنسية بما فيها الدور الاجتماعي الخاص بهذا الجنس أو ذاك.

فقط الأطفال الذين يصرون على كونهم "الجنس الآخر" بعد مرحلة البلوغ، هم من سيحتاجون إلى مرافقة علاجية لاحقا، للتأكد من هويتهم الجنسية، وقد يكونوا فعلا "متحولي الجنس" بمعنى أنهم متأكدون بأنهم الجنس الآخر "المسجون" بجسد مغاير، وحينها سيبدأون بمسار طويل من عمليات التحول للجنس الآخر.

عودة إلى سؤالك والذي نستشف من خلاله بأن هوية ابنتك الجنسية الجندرية واضحة بالنسبة إليها بدليل أنها تتصرف "كأنثى" (بالمعنى التقليدي السائد مجتمعيا) وخصوصا في المناسبات الرسمية وغيرها. بالتالي، فإن اهتمامها وانخراطها بألعاب "الصبيان" يندرج ضمن حاجتها لتجريب أشكال متعددة من أنماط الأدوار الجندرية لكي تتمكن من بلورة رؤيتها الخاصة لما تريده لنفسها من دور.

ننصحك باحتوائها وتقبُّل اهتماماتها والحوار معها حول مشاعرها تجاه هذا "التحدي" بالسلوك والاهتمام. قربك - وبالطبع قرب والدها - منها سيعزز قدراتها على تشكيل رؤية واضحة لما تريد أن تكون، مما سيسهم فعلا في بناء شخصية قوية مستقلة لديها، وبالمقابل واثقة من دوركما التربوي الداعم كأهل لها.