هي البتاعة بتيجي للولاد؟



2018-12-19

بقلم: ندى سامي | من موقع: "فكِّر تاني"

في حصة الدين أخبرتنا المعلمة أنها ستلقى درس مهم لكل الفتيات، فجلسنا في إنصات نستمع لها وكان الحديث عن الطهارة،  في ضحكة بلهاء منا وصرامة منها بدأت حصتنا بتلك الكلمات، ممنوع الأسئلة ممنوع الهمس والضحك!! 

انتو عارفين لما تجيلكم البتاعة بتطهروا ازاي؟ طبعا مش عارفين وده بقى درسنا انهاردة.. قبل أن تبدأ حديثها عن البتاعة! انطلق صوت متردد من الصفوف الخلفية ينطق بسرعة ميس يعني ايه البتاعة.. فعقبت الباقيات بضحة قطعها صوت المدرسة. 

الدورة الشهرية يعني بلاش استعباط.. واستكملت حديثها عن كيفية الطهارة دون أن تخبرنا ماهيتها ولما أسمتها بالبتاعة، ولما نتحدث عنها خلسة بصوت منخفض ولما لم تكتب عنوان الدرس على السبورة ما دمنا نتلفى نص في كتابنا الدراسي. 

بينما هي تدور بين الصفوف وتتحدث بنبرتها الهادئة في انتباه الفتيات، قاطعها نفس الصوت المتردد.. ميس هما الولاد مش بيجلهم البتاعة زينا؟ فردت بسرعة لأ طبعا.. فقالت أخرى اشمعنا أحنا وهما لأ؟ 

فجاوبت بضيق هما بيجلهم حاجة تانية ملكيش أنت دعوة بيها اعرفي اللي يخصك وبس، فانهالت الأسئلة عليها هي اي يا  ميس؟ طب هما عارفين أن إحنا بتجلنا البتاعة؟ طب هي بتجلهم منين؟.. فصرخت معلمتنا في الجميع مش عايزة أسمع صوت ومحدش يسأل اعرفوا اللي أنا بقوله وبس وبلاش قلة أدب!! 

عدت إلى المنزل وعقلي مشغول بالبتاعة اللي بتيجي للولاد دي، قررت أن أسأل والدتي،  التي تغيرت ملامح وجهها خجلا ثم قالت: مين اللي قالك الكلام ده، مفيش حاجة اسمها كده وازاي الميس تقول كده أصلا،  هما الولاد مش بيجلهم البتاعة ولا حاجة قومي شوفي مذاكرتك أحسن. 

اكتفت بتلك الكلمات القليلة المقتضبة وتركتني وحيرتي، في اليوم التالي كان حديث الساعة بين الفتيات عن البتاعة اللي بتيجي للأولاد، إحداهن سألت أختها التي سخرت من كلامها ونقلته لوالدتها، بينما حاولت الآخرى استجواب أخيها التوأم الذي لم يفهم حديثها أصلا، ولكنها متأكدة أنه يخفي عليها علشان الحاجات دي عيب البنات تعرفها!    

قاطعت الثرثرة إحداهن وقالت أنا بقى عرفت البتاعة اللي بتجلهم اسمها ايه، اسمها الحلم، فسكت الجميع في انتظار المزيد من التفاصيل فأخبرتنا أن ابنة خالتها التي تكبرنا بأربعة أعوام قالت لها ذلك ولكنها لم تفصح عن المزيد من المعلومات. 

مجتمعنا الطفولي وقتها كان مليئ بالكثير من الأسئلة، نكبر وتتغير أجسادنا وتعاملنا مع العالم يضيق، فلا  أحد يرضى الفضول ولا أحد يحترم مشاعر المراهقة وتغيراتها التي تعصف بنا وتبدلنا، تنفك الضفائر وتتغير الملابس مع التغيرات الجسدية، ويزداد الكسوف والانغلاق. 

الدورة الشهرية عيب نتكلم عنها وعيب حد يعرف انها عندنا، عيب تقعدي براحتك قدام أخوكي، اللبس ده عيب، الهزار في الشارع والضحك عيب حتى أسمائنا عيب حد في الشارع يعرفها، أتذكر أني وقريباتي قررنا استبدال أسامينا الحقيقية بأسماء وهمية ننادي على بعض بها. 

فكان أسمى هايدي على اسم ياسمين عبد العزيز في مسلسل امرأة من زمن الحب الذي كنت أحب مشاهدته ولا أمل من متابعته.. نعيش في مجتمع منغلق علينا لمجرد أننا من جنس حواء، الحديث ممنوع والفضول لا ينتهي ويقابل بتلك الكلمة المعهودة عيب! 

أما الحديث عن الجنس فهو من الكبائر، لا يصح الحديث فيه إلا قبل ليلة الزفاف،  فتتطوع إحدى الفتيات التي سبق لها الزواج بالحديث مع عروس المستقبل،  أتذكر  بكاء إحدى صديقاتي التي أخذتها خالتها في غرفة منفصلة عنا في ليلة الحنة لتخبرها ما سيحدث لها بعد الفرح. 

فالكلام العلمي المبهم الذي ندرسه في كتب العلوم، غير كافي للوعي الجنسي الذي لم يهتم أحد بتلقينه لنا منذ المراهقة، صديقتي تلك بعد أكثر من عام زواج لازلت تكره الجنس بفضل حديث خالتها الأسطوري الذي بدد فرحتها بالزفاف. 

الغريب أن العالم يتطور بسرعة والصغيرات لازلن يسألن هو الولاد بيجلهم البتاعة؟ ولكن تلك المرة السؤال لم يكن للمعلمة أو الأهل السؤال لمحرك البحث جوجل الذي يفهم تسائلهن ويخبرهن بالكثير من الإجابات التي تحمل المزيد من التضليل.