ماذا يحدث عندما تتزوج من أجلهم وليس من أجلك؟

بقلم : مي الحسيني



2021-11-14

هل الزواج هو حقاً سنة الحياة؟ هل هو الخطوة الطبيعية والحتمية للجميع؟ في رأيي المتواضع لا! فالبعض قد لا تتناسب شخصيته وطموحاته وتصوره لحياته المستقبلية مع ما قد يتطلبه الزواج من التزامات ومواءمات لخلق مناخ يتسع لحياة سعيدة لشخصين أو أكثر. أشخاص آخرون ربما يرغبون في الزواج، ولكن في الوقت المناسب.


تعريف الوقت المناسب قد يختلف من شخص لآخر، وفقاً لمعتقداته/ا الشخصية ومخططاته/ا العملية والمستقبلية والطريقة التي يمضي/تمضي بها وقته/ا. يتضمن مفهوم الوقت المناسب أيضاً مدى جاهزية الرجل أو المرأة للالتزام بعلاقة طويلة الأمد، وكذلك وجود شريك/ة ملائم/ة لتكوين علاقة زواج صحية وسعيدة للطرفين.


الزواج ليس سنة الحياة بالتأكيد! فالكثير من الزيجات تفشل وتنتهي نهايات غير سعيدة أو تستمر في تعاسة، وبعض من يتزوجون يندمون على زواجهم، وإن لم يفصحوا، وهناك من لا يتزوجون باختيارهم ورغبتهم الواعية وتستمر حياتهم بصورة طبيعية ولا يداهمهم الندم. الزواج إذن ليس خطوة حتمية لابد للجميع أن يخطوها في وقت ما من حياته، وإنما هو فقط خيار مطروح للجميع، وعلى كل شخص أن يقرر ما إذا كان ملائم له أم لا.

 

لماذا نتزوج؟
ربما لابد أن تكون الرغبة في الاستمتاع بحياة سعيدة هي الدافع الرئيسي للزواج أو الالتزام بعلاقة طويلة الأمد، إلا أن الواقع لا يكون كذلك دوماً. يتزوج الناس لأسباب متعددة منها المادية والاقتصادية والرغبة في الإنجاب والحفاظ على نسل العائلة وإرضاء الوالدين وإسعادهم أو البحث عن علاقة مستقرة مع شريك/ة واحد/ة بعد سلسلة من خيبات الأمل العاطفية، وغيرها. لعل الضغط الاجتماعي على الزواج هو أحد القواسم المصاحبة لكل الأسباب السابق ذكرها وغيرها. 


يتلازم الضغط الاجتماعي مع كل الأسباب السابق ذكرها ويستند من يمارسونه إلى مجموعات مختلفة من الحجج والمبررات، وفي بعض الأحيان الخرافات الاجتماعية، التي تغفل او تتجاهل مبدأ تنوع الاحتياجات والاختلافات الشخصية بين البشر. 


إغفال الاختلافات البشرية ليس هو الجانب السلبي الوحيد للضغط الاجتماعي على الزواج، إذ تتجاوز ممارساته كل الحدود الشخصية المفترضة بين الأشخاص، ليصبح من حق الجميع مناقشة غيرهم في اختياراتهم للطريقة التي يمضون بها وقتهم ويخططون بها لمستقبلهم وما يفضلونه عند اختيار شركاء حيواتهم. لا يتقصر ذلك على الأهل، أو الوالد والوالدة بالتحديد، مع أبنائهم، بل يتصدر السؤال المحوري "متى تتزوج/ين" قمة الموضوعات التي يتناولها الجميع، بما في ذلك زملاء العمل والأصدقاء والأقارب ومقدمو الخدمة مثل البقال/ة والبواب/ة ومدبر/ة المنزل وغيرهم، مع الشباب والشابات فور بلوغهم العشرين من عمرهم! للإجابة عن هذا السؤال، يصبح على الشاب والشابة المستهدفين بالسؤال إعطاء إجابات حول حياتهم الشخصية وكيف يرون مستقبلهم وكيف يريدون اختيار شركاء حياتهم وهل يرغبون بعد في الالتزام بعلاقة واحدة طويلة الأمد أم لا، وهل وجدوا الشخص المناسب لذلك بعد. في كثير من الأحيان، لا يتوقف الأمر عند تجاوز المساحة الشخصية للأشخاص المعنيين، وحملهم على مناقشة أمر يتعلق بحياتهم هم فقط، وإنما يمتد الأمر إلى فتح نقاش موسع حول مدى صواب اختياراتهم وقرارتهم، من وجهة نظر المتحدث بالطبع! مع تكرار هذه المناقشات والحوارات من الكثير من المحيطين، يفقد الشخص، سواء أكان شاب أو فتاة، إحساسه بكون قرار الزواج هو قراره وحده، وأن الزواج أو عدمه هو ضمن الحريات التي يجب يتمتع بها الإنسان، ويتحول الزواج من كونه خيار إلى كونه قدر حتمي، ولكنه لم يتحقق بعد.


الضغط الاجتماعي المستمر حول الزواج ينقل فكرة الزواج في ذهن الأشخاص من كونها اختيار إلى هدف، ويصبح التأخير في تحقيقه مشكلة. نتيجة لذلك، يتحول تفكير الفرد في الزواج من كونه خيار مطروح عندما يلتقي بالشخص الملائم له، إلى أنه خطوة لابد منها في أقرب فرصة ممكنة للتوافق مع المجتمع والتخلص من تساؤلات المحيطين.

 

ماذا يحدث عندما تتزوج من أجل إرضاء الآخرين؟
التخلص من سيل الأسئلة المنهمر حول خططك للزواج، قد يدفعك، بوعي أو بدون وعي، إلى أن تتعجل خطوة الزواج، فقط لإرضاء من حولك. حينئذ قد تواجه أحد الاحتمالات التالية أو بعض منها في ذات الوقت:

1) قد تختار/ين شريك/ة غير ملائمة لك:
حينما يكون هدفك الأول هو ملء بند "الزواج" في أقرب وقت أو قبل تجاوزك السن المتعارف عليه اجتماعياً للزواج، فتختار/ين من ضمن الخيارات المتاحة في الوقت الحالي والتي قد تكون جميعها غير ملائمة لك. اختيار شريك/ة الحياة هو أمر لا يمكن للمرء التأكد منه بعد مقابلة أو عدة مقابلات كما يحدث في إطار الزواج التقليدي، بل هو أمر قد يستغرق سنوات وقتا طويلاً ويتطلب الكثير من ومئات المواقف والحوارات والتجارب المتنوعة مع الطرف الآخر.

 

2) قد تحيا حياة تعيسة:
أو تمر/ين بتجربة زواج فاشلة بسبب اختيار الشريك/ة الخطأ أو الزواج في وقت غير ملائم لك ولطموحاتك المستقبلية والعملية.

 

3) قد تساهم/ين في تعاسة أشخاص آخرين:
أولهم شريكتك/كك في علاقة زواج غير سعيدة أو غير ناجحة، كما قد يشمل الأمر أيضاً أطفال أثمر عنهم هذا الزواج.

4) قد تفوت فرصاً للتعلم والنضج الشخصي:
سواء على المستوى العملي، مثل العمل أو الدراسة أو السفر إلى الخارج ، أو على مستوى العلاقات والتجارب العاطفية  التي ستعزز قدرتك على تحديد ما هو "منشود" مقابل ما هو "مرفوض" بالنسبة اليك.  كما قد تلتقي بأشخاص أكثر ملائمة لك لاحقاً.

5) قد تصادف السعادة! مع الشريك/ة:
 فلكل قاعدة استثناءات، لأن الحظ يلعب احيانا دورا في حياة بعض الناس ولكنه غائب عن حياة الغالبية الساحقة.

صحيح أنه لا توجد ضمانات بوجه عام في العلاقات العاطفية والزوجية، إلا أن احتمالات الاستمتاع بعلاقة جيدة أو مرضية، تكون أكبر عندما تتزوج/ين من الشخص/الفتاة الملائم/ة لاحتياجاتك الشخصية وطموحاتك المستقبلية والقادر/ة على مشاركتك خبرات الحياة المختلفة، في الوقت الملائم لك. بذلك تكون/ين قد تزوجت من أجلك أنت، من أجل سعادتك أنت.