لماذا تعاني بعض النساء للوصول إلى الأورجازم؟

بقلم : أميرة حسن الدسوقي



2022-11-29

 

يطلق عليها البعض "رعشة الأورجازم" وهذا لأن الجسم ينتفض وقتها محررًا التوتر والآلام الجسمانية، البعض الآخر يطلق عليها "النشوة" وهي ما تعني حرفيًا "الابتهاج الشديد"، وهي حالة نفسية من السعادة الغامرة المؤدية إلى غياب العقل عن إدراك ما حوله؛ ومؤخرًا أكد الطب بما لا يدع مجالًا للشك أن للأورجازم النسائي فوائد صحية ونفسية متعددة.

 

ولكن الكثير من النساء يعانين من عدم قدرتهن على الوصول إلى الأورجازم، ويعود هذا إلى أسباب متباينة.

 

ومع ذلك يجب على المرأة ألا تشعر بالضغط ليتحقق الأورجازم في كل مرة تمارس فيها الجنس مع شريكها، وحتى في المرات التي لا تصل فيها للأورجازم، عليها أن تكون حريصة مع الشريك/ة إلى الوصول إلى تجربة ممتعة بقدر الإمكان.

 

ما الأورجازم؟


 

وفقًا لجمعية علم النفس الأمريكية، فإن الأورجازم النسائي يحدث عندما تصل المرأة إلى ذروة المتعة، وقتها يتحرر الجسد من التوتر، وتنقبض عضلات العجان والعضلة الشرجية والأعضاء التناسلية بشكل إيقاعي، وقد تنقبض عضلات المهبل والشرج مرة واحدة تقريبًا في الثانية، وتزداد ضربات القلب ومعدلات التنفس.

 

تختبر المرأة الأورجازم إما خلال ممارسة الجنس مع شريكها، أو من خلال تجربة شخصية لها وحدها مع الاستمناء أو الاستمتاع الذاتي، في الحالتين يجري تحفيز الأعضاء الجنسية للمرأة سواء خارجيًا أو داخليًا.

 

ويوجد نوعان من الأورجازم، أورجازم ناتج عن تحفيز البظر وأورجازم ناتج عن الإيلاج.

 

.في الحالتين يمكن للمرأة الوصول إلى الأورجازم أكثر من مرة في ممارسة الجنس مع شريكها أو من خلال الاستمناء

 

بعد الوصول إلى الأورجازم تُطلَق في الجسم مجموعة من الهرمونات مهمتها أن تُشعر الإنسان بالاسترخاء والسعادة، ومن أهمها الإندروفين، وهو المعروف باسم هرمون السعادة، ولذلك يشعر الكثير بالاسترخاء والرغبة في النوم بعد الوصول إلى الأورجازم، كما يفرز الجسم هرمون الإكسيتوسين والذي يطلق عليه "هرمون الحب"، لقدرته على توطيد العلاقة بين الشريكين بعد ممارسة الجنس.

 

الأورجازم.. وقاية وعلاج


 

انتشرت شائعات عن أطباء النساء في العصر الفيكتوري أنهم يستخدمون الأورجازم كعلاج نفسي للنساء، خاصة الحالات المصابة بـ "الهستيريا"، وقيل إنهم يعالجون مرضاهم من النساء بانتظام من خلال تحفيزهم على الوصول إلى النشوة الجنسية.

 

وسواء كانت تلك الأقاويل صحيحة أم لا، فإن انتشارها يوضح مدى تأثير الأورجازم على الحالة النفسية، فمن نفى الواقعة لم ينكر دور الأورجازم في تحسين الحالة النفسية، ولكن الاعتراض كان على مدى أخلاقية هذا العلاج.

 

نعرف الآن أن للأورجازم فوائد متعددة للمرأة، سواء على البشرة أو المساهمة في إنقاص الوزن أو تحسين الحالة الصحية بشكل عام، وقد أكدت بعض الأبحاث الصادرة من جامعة ويلكس في ولاية بنسلفانيا أن ممارسة الجنس أسبوعيًا أو كل أسبوعين والوصول للأورجازم يمكن أن يساعد في تعزيز الأجسام المضادة في الجسم، وتقوية المناعة، كما أن له القدرة على تنظيم الدورة الشهرية، وتخفيف آلام الجسم بشكل عام.

 

الأورجازم

 

الأورجازم أيضًا له دور في تحسين وظيفة القلب والأوعية الدموية، حتى أن إحدى الدراسات وجدت أن النساء اللواتي يستمتعن بالأورجازم بانتظام لديهن خطر أقل للإصابة بأمراض القلب والسكري من النوع الثاني.

 

رغم أهمية الأورجازم لصحتنا في العموم، إلا أن بعض النساء لا يختبرنه في حياتهن الجنسية، والعديد منهن يخجلن من الحديث عن الأمر أو يتجاهلنه تمامًا.

 

بعض النساء لا يدركن أن الوصول إلى الأورجازم حق من حقوقهن، ولذلك قد لا يسعين إلى حل هذه المشكلة مع شريكهن، ولكن تجاهل المشكلة لا ينفي ظهور آثارها على المرأة سواء على المستوى النفسي أو الجسدي.

 

افتقاد الجسم لتلك النوعية من الهرمونات قد يتسبب في وقوع الإنسان بوجه عام، والمرأة موضوع حديثنا، في فخ التوتر والعصبية وعدم القدرة على الإنتاج في العمل أو الإقبال على الحياة بشكل عام.

 

نساء لم يختبرن الأورجازم


 

شاركت ثلاثة من النساء تجربتهن معنا، وأخبرتنا كل منهن عن شكل حياتها دون الشعور بالأورجازم، رغم أنهن متزوجات، ومنهن من رزقت بأطفال.

 

"الأورجازم شعور لا أعرف معناه"، تتذكر منى، 50 عامًا، أنها رزقت بطفلها الأول بعد لقاءات جنسية مع زوجها تُعَد على أصابع اليد الواحدة، لم تختبر في أي منها الأورجازم، وانفصلت عن زوجها قبل أن يتم ابنها عامه الأول.

 

عانت منى مع زوجها من عدم إدراكه لضرورة وصول المرأة للنشوة، إذ كان يتعامل مع ممارسة الجنس على أنها هدف للحمل، والغرض منها تفريغ طاقة الرجل الجنسية فقط، كما كان يعاني من سرعة القذف، مما يعيق وصولها إلى الأورجازم.

 

ولأن الوصول إلى الأورجازم في أذهاننا مرتبط دائمًا بممارسة الجنس مع طرف آخر، والبعض حُرم من هذا الشعور سواء لأسباب جسدية أو بسبب عدم خبرة الرجل في مساعدة المرأة على الوصول إلى النشوة، قد تعتقد المرأة أنها غير قادرة على الوصول إلى الأورجازم من الأساس، وهو ما حدث مع منى.

 

لم تتحمل سالي، 33 سنة، وضعًا مشابهًا، فقد طالبت بالطلاق من زوجها بعد عامين من الزواج، لم تمر في أي لقاء جنسي خلالها بتجربة الأورجازم، وأدركت أنها تحتاج إلى مجهود جسدي وذهني مضاعف -حتى أثناء ممارسة الاستمتاع الذاتي- لتصل إلى النشوة.

 

لذلك طلبت من زوجها أكثر من مرة أن يخصص وقتًا للمداعبة قبل الإيلاج في ممارستهما الجنسية، ولكنه لم يكن يتحمس لهذا الأمر. تتذكر سالي أنها كانت تشعر بالألم فقط أثناء العلاقة، لا الأورجازم.

 

 صعوبات الوصول  إلى الأورجازم

 

حالة مروة، 68 عامًا، كانت مختلفة قليلًا عن حالة سالي، فهي كانت زوجة لرجل تحبه، ولكنها لم تختبر الأورجازم في علاقتهما الجنسية، تُرجع مروة السبب إلى تشويه العضو التناسلي (الختان) الذي حدث في طفولتها، ورغم أن زوجها كان طبيبًا متفتحًا، وكان يعرض عليها ممارسات متنوعة من أجل متعة أكبر، إلا أنها كانت تخجل من التجارب التي يعرضها عليها.

 

لنبدأ من العقل


 

كثيرًا ما يُقال إن الرغبة تبدأ من العقل، ورغم وجود صعوبات جسدية تواجه النساء وتعيقهن عن الوصول إلى الأورجازم، إلا أن كثيرًا ما يكون السبب الأكبر هو الصعوبات المجتمعية، إذا تجهل العديد من النساء أن لديهن الحق الكامل في المتعة خلال الممارسة الجنسية، سواء الممارسة الذاتية، أو الممارسة مع الشريك.

 

وأيضًا يفتقد الكثير من الشركاء القدرة على التواصل من أجل الوصول إلى المتعة المشتركة.

 

لذلك على النساء فهم أن التفكير في الجنس والوصول إلى المتعة الجنسية أمر لا يستدعي الخجل، ومن الضروري أن يكون للشريك أو الزوج دور فعال في هذه العملية، من خلال التواصل الجسدي والذهني مع شريكته، وهذا يستدعي منه أيضًا أن يتفهم حق المرأة في المتعة والوصول إلى الأورجازم.

 

على المستوى الجسدي، يمكن للمرأة استكشاف جسدها أكثر من مرة عن طريق الاستمتاع الذاتي، لمعرفة الطريقة المناسبة لها للوصول إلى الأورجازم، ويمكن بعدها أن تشارك زوجها أو شريكها ما توصلت إليه.

 

ينصح الأطباء أيضًا المرأة بممارسة تمارين كيجل من أجل الوصول إلى أورجازم أفضل، وتمارين كيجل هي تمارين لقاع الحوض بغرض تقوية عضلاته وتقوية عضلات الرحم والمثانة، كما تفيد التمارين الرجال والنساء الذي يعانون من مشاكل سلس البول أو التحكم بالأمعاء، ولها أيضًا فوائد في تحسين قدرة المرأة للوصول إلى النشوة.

 

تمتاز تمارين كيجل بأنه يمكن ممارستها في أي وقت وأي مكان.

 

أثناء التمرين يجب على المرأة شد عضلات المهبل لمدة ثلاث ثوانٍ، ثم الاسترخاء لثلاث ثوانٍ أخرى، ويتكرر هذ التمرين أثناء المشي أو الوقوف أو الاستلقاء والجلوس، ويُنصح بتكرار هذا التمرين 10 مرات في اليوم.

 

يمكن إجراء التمرين بدون الحاجة إلى الأدوات، ولكن بعض النساء يستخدمن بيضة صغيرة يطلق عليها "بيضة يوني"، بأن توضع البيضة بالمهبل ثم تقليص عضلة المهبل من حولها ثم إرخائها، ويمكن استبدال الإصبع بالبيضة.

 

أخيرًا قد تكون زيارة الطبيب/ة المختص/ة بالأمراض الجنسية خطوة مناسبة لعلاج هذه المشكلة، إذ سيأخذ الطبيب/ة تاريخ الشريكين المرضي، ويحدد إذا كانت المشكلة جسدية أو نفسية، وسيقدم النصح بعد تحديد المشكلة.