الجنس أمام المرآة.. متعة أم اضطراب؟

بقلم : مي الحسيني



2023-03-10

بينما ينكر معظم الرجال والنساء مشاهدتهم الإباحية (البورن)، إلا أن الكثير منهم يشاهده لسبب أو آخر بطرق مختلفة! لا يقتصر ذلك على مشاهدة البورن التجاري أو المصنوع منزليًا ومتاح للمشاهدة على المواقع الإباحية وإنما على مشاهدة أنفسهم وشركائهم أيضًا.

 

في عالم الجنس والمتعة تتعدد طرق مشاهدة الأداء الجنسي وأسبابه، فبينما يشاهده البعض لمتعتهم الخاصة، يراقب آخرون أنفسهم لأسباب تتعلق بالثقة بالنفس وصورة الجسد.

 

على اختلاف الأسباب، تظل المرآة هي البوابة التي يدخل من خلالها من يهتمون بمشاهدة تجربتهم الجنسية ومراقبة أجسادهم لعالم أكثر متعة أو منزلق يباعد بينهم وبين المتعة الجنسية.

 

مرآة الجنس

 

يعد السلوك الجنسي مرآة للكثير من السمات النفسية والتجارب الشخصية والمشاعر الإيجابية والسلبية التي يحملها الفرد بداخله. فكما نكشف عن أجسادنا يتكشف كل ذلك خلال ممارسة الجنس ويعكس أداءنا واستجاباتنا ما نستمتع به سرًا وما نخاف من اختباره وكذلك نقاط الضعف والألم لكل منا.

 

وكما يشكل الجنس مرآة نفسية لنا، تشكل المرآة بمفهومها المادي الواقعي أحد مكونات العلاقة الجنسية للبعض، وتكون لها آثار مختلفة على التجربة الجنسية.

 

ممارسة "الجنس أمام المرآة" أو "Mirror Sex" هي إحدى الممارسات الجنسية للكثيرين، وفيها يستمتع الشريكان بممارسة الجنس أمام المرآة ومشاهدة نفسيهما في هذه الأثناء، ويصنفها البعض ضمن الممارسات غير المألوفة أو الولع الجنسي بالأشياء، وتعرف علميًا بمصطلح "katoptronophilia".

 

ويوفر "الجنس أمام المرآة" متعة مضاعفة لمحبيه، إذ يكون بمثابة مشاهدة مشهد جنسي ساخن أو إباحي تكون/ين أنت بطله/ته، بينما تستمتع/ين وشريكك/تك فعليًا بممارسة الجنس.

 

 

لذا يبدع الشريكان المولعان بهذه الممارسة في تهيئة الأجواء لها باستخدام مرآة طويلة تتيح لهما رؤية جسديهما كاملين في وضعيات الوقوف والجلوس، أو عدة مرايا تنقل لهما متعتهما من زوايا متعددة، أو مرآة مثبتة في سقف الغرفة تعكس حرارة الممارسة على الفراش.

 

الجنس أمام المرآة

 

وهناك وضعيات تعرف بكونها الأكثر إثارة عند ممارسة الجنس أمام المرآة:

  • أولى هذه الوضعيات هي وضعية الوقوف بحيث تكون الشريكة في مواجهة المرآة والشريك خلفها.
  • أو وضعية "الدوجي" "Doggy" وفيه تتكئ الشريكة على يديها وركبتيها في مواجهة المرأة ويقوم الشريك بالإيلاج من الخلف.
  • كذلك، وضعية "المرأة فوق الرجل" بصورتها العكسية، حيث يستلقي الشريك على ظهره وتُمَركِز الشريكة نفسها فوق قضيبه، ويكون ظهرها في مواجهته ويستطيع كل منهما رؤية المرآة التي تكون قبالة المرأة.
  • الوضعية التبشيرية أيضًا توفر للشريكين إمكانية الاستمتاع برؤية أنفسهما في المرآة إذا استلقيا، بحيث تكون بجوارهما مما يمكنهما باستراق النظر إليها أثناء الممارسة.
  • أما إذا كانت المرآة في السقف، فيمكن حينئذ تبادل الوضعيات بحيث تكون الشريكة في الأسفل أحيانًا أو العكس.
  • كذلك، قد تتضاعف متعة الجنس الفموي إذا كان الطرف المتلقي في مواجهة المرآة.

 

مراقبة سلبية

 

بينما تشكل المرآة ومراقبة الأداء الجنسي متعة خاصة لدى البعض، فهي تشكل حاجزًا بين آخرين وبين متعهم الجنسية، إن كانت لديهم مشكلات تتعلق بصورة الجسد أو الثقة في الأداء الجنسي، إذ ينغمسون في مراقبة أنفسهم وأجسادهم على نحو يعوق تركيزهم على الحميمية والاستمتاع بالجنس، ويؤثر سلبًا على الأداء الجنسي ويقلل من احتمالات الوصول إلى النشوة.

 

عرَّف العالمان ماسترز وجونسون هذه المشكلة بظاهرة "المراقبة" أو "Spectatoring" باللغة الإنجليزية، وهي أكثر شيوعًا لدى النساء بسبب المعايير التي يفرضها المجتمع ووسائل الإعلام على مفهوم الجمال والجاذبية.

 

لا يعني ذلك أن الرجال لا يعانون أيضًا من مشكلة مراقبة الذات أثناء ممارسة الجنس لأسباب تتعلق بالتوقعات الجندرية التي تربط بين حجم القضيب ومدة الانتصاب وبين مفهوم "الرجولة".

 

وتشير بعض الدراسات إلى أن ممارسة الرجال لمراقبة الذات أثناء العلاقة الجنسية للاطمئنان على شكل القضيب وقوة الانتصاب واستمراره يؤدي في واقع الأمر إلى فقدان الانتصاب وضعفه أثناء الممارسة، بسبب تشتت الذهن عن الإثارة الجنسية.

 

مقعد المتفرج

 

لا تقتصر مشاهدة الأداء الجنسي بغرض المتعة أو الاطمئنان على الأداء الجنسي ومظهر الجسد على المرآة أو موقع الحدث الجنسي، وإنما يهوى البعض تسجيل علاقاتهم الجنسية بغرض مشاهدتها لاحقًا، أو نشرها ليشاهدها الغير.

 

الجنس أمام المرآة

 

يعد تسجيل اللحظات الحميمية والممارسات الجنسية الساخنة هو الامتداد الأكثر حداثة لممارسة الجنس أمام المرآة، فكما نسجل حاليًا كل اللحظات المهمة في حياتنا اليومية ولحظات الفرح وننشر صور شخصية لرحلاتنا وطلعاتنا مع الأصدقاء، نمت لدى البعض الرغبة في تسجيل علاقاتهم الجنسية كاملة أو مقتطفات منها لمشاهدتها لاحقًا، باختلاف الأدوات مع التطور التكنولوجي، بدءًا من الكاميرات التي يمكن ضبط ميقاتها لثوانٍ لالتقاط صور ثابتة، مرورًا بكاميرات الفيديو وصولًا إلى الهواتف المحمولة حاليًا، حتى أن بعض الخبراء يصفون هذه الممارسة حاليًا "بسيلفي الجنس" أو "Sex Selfie".

 

يكمن السبب ببساطة في الاستمتاع بتسجيل الممارسات الجنسية في الرغبة في توثيق الحميمية والمتعة لدى معظم من يفضلون هذه الممارسة، وكذلك رغبتهم في مشاهدة براعتهم الجنسية لاحقًا، ولم يثبت علميًا وجود روابط واضحة بين هذه الممارسة وبين سمات الشخصية التي قد يتوقع البعض ارتباطها بها مثل الغرور أو النرجسية.

 

بوجه عام، لا تشير هذه الممارسة إلى وجود اضطراب نفسي، ما دامت تجري بالتراضي. لا ينفي ذلك أنها تحمل في طياتها بعض الانتهاكات والجرائم المحتملة، مثل تصوير الطرف الآخر و/أو الاحتفاظ بالتسجيلات بدون علمه، واستغلالها ضده أو ابتزازه تحت التهديد بنشرها أو نشرها بالفعل على الإنترنت أو المواقع الإباحية لأغراض التشهير أو الانتقام أو التجارة والتكسب من ورائها.

 

أيضًا، لا تتوقف متعة بعض من يقومون بتسجيل لحظاتهم الحميمية عند مشاهدتها مع شركائهم الجنسيين الذين شاركوا في المقاطع المسجلة، وإنما يرغبون أيضًا في عرضها على آخرين أو على الملأ. فهذه الحال قد يقدم الطرفان على نشرها على أحد المواقع الإباحية تحت تصنيف "البورن المنزلي"، وقد يتم ذلك أيضًا بدون علم أحد الطرفين أو موافقته.

 

بخلاف ذلك، قد تتسرب التسجيلات الجنسية رغمًا عن الطرفين، في حالة القرصنة أو اختراق الحسابات أو سرقة الأجهزة الإلكترونية التي سُجِّلَت المقاطع الجنسية عليها، وتُستَغَل ضدهما أو ضد أحدهما، أو على الأقل تنكشف خصوصيتهما ويشاهد طرف ثالث أو أطراف أخرى لحظاتهما الحميمية الخاصة.

 

خلاصة القول، ربما تتشابه كل الممارسات التي تتعلق بمراقبة الذات مشاهدة الأداء الجنسي في ظاهرها، إلا أن باطن كل منا هو ما يصنع منها تجربة متضاعفة المتعة أو سلوك يقود للإحباط الجنسي للطرفين ويقوض نشوتهما.