التنكر الجنسي بين الواقع والتوقعات

بقلم : كاميليا حسين



2023-03-22

في واحد من أكثر المشاهد رواجًا في الجزء السادس من المسلسل المصري الكوميدي "الكبير"، وفي ليلة زفاف "الكبير" على زوجته الجديدة "مربوحة"، تبدأ الزوجة في الإشارة إلى عدد من (الأطقم) التي سترتديها لإغوائه، مع وعود مثيرة بأنها سوف ترتدي ملابس الممرضة وتلميذة المدرسة، والتايجر (ألوان جلد النمر)، وكلها وعود تذهب بطموحاته وأحلامه بعيدًا.

 

لكن لسوء حظ الكبير، ولأن المسلسل كوميدي، فكل ما ترتديه مربوحة من هذه (الأطقم) يتحول إلى كارثة، تقتل لدى الزوج (الكبير) أي شعور بالإثارة، وتنتزع مننا الضحكات الناتجة عن الكوميديا الموجودة في المشهد.

 

ما ارتدته مربوحة يسمى في السوق "اللانجري التنكري" أو الـ cosplay lingerie وهو نوع من أنواع التقمص الجنسي أو الـ Role play، والتقمص يشير إلى مجموعة من الألعاب الجنسية التي تتضمن تمثيل سيناريوهات الفانتازيا المختلفة بين الزوجين، سواء كجزء من العلاقة الجنسية المعتادة أو خارجها، أي عبر المكالمات الهاتفية والرسائل النصية على سبيل المثال.

 

لكن مشهد "مربوحة" رغم غرضه الكوميدي، قد يطرح علينا تساؤلًا حول مدى إثارة هذا النوع من الملابس، وما يمكن أن يضفيه من رغبة وحسية إلى فراش الشريكين؟ وإلى أي مدى من الممكن أن تبتعد توقعاتنا عن الواقع؟ هل من الممكن أن تتحول محاولات التنكر الجنسي إلى كارثة مضحكة مثل ما حدث مع مربوحة والكبير؟

 

التنكر الجنسي.. مساحة جديدة للخيال!

 

التنكر الجنسي أو كما يعرف باللانجيري التنكري، هو شكل من أشكال التقمص الجنسي أو ما يعرف بـ (الرول بلاي)، تستخدم فيه ملابس تنكرية ذات طابع جنسي، تساعد الشريكين على ممارسة تخيلاتهما الجنسية، ولعل أشهرها هو ملابس الممرضة والخادمة وملابس طالبة المدرسة أو الشرطية.

 

وربما يرجع انتشار هذه الملابس بالتحديد إلى كونها توحي بوجود سلطة من طرف على الآخر مما يساعد على الممارسات السادية والمازوخية أو الـ BDSM.

 

توجد كذلك ملابس تنكرية مرتبطة بأفلام وشخصيات المانجا والأنمي والأبطال الخارقين، لكنها لا تتوافر بكثرة في الأسواق العربية.

 

لا يقتصر التنكر الجنسي على ارتداء الملابس فقط بل يذهب إلى ما هو أبعد، حيث يتقمص الشريكان أدوار الشخصيات ويقلدان سلوكياتها عبر تحميلها دلالات جنسية مثيرة تسهم في تعميق شعورهما بالدورين.

 

قد يفكر البعض في أن الدافع الأساسي وراء التنكر الجنسي هو إثارة المرح في غرفة النوم، أو بث نيران التغيير وسط الاعتياد الجنسي، كشكل من أشكال تجديد العلاقة الجنسية والتي يلجأ إليها عادة الشركاء المرتبطون في علاقات طويلة الأمد، وذلك في إطار سعيهم وراء إبعاد الملل.

 

التقمص الجنسي

 

 لكن بنظرة فاحصة، سوف نجد له أبعادًا إضافية أكثر عمقًا من مجرد التجديد، ومن هذه الأبعاد:

 

* السماح بمساحة للخيال والإبداع

 

يسمح التقمص الجنسي للشريكين باستكشاف جوانب التعبير الإبداعي داخلهما، عبر استكشاف خيالاتهما الخفية، كما يمكن أن يساعدهما على استكشاف جوانب أخرى من الذات ربما لا يتمكنان من الكشف عنها بالثقة نفسها أثناء ممارسة العلاقة الجنسية بصورتها التقليدية.

 

وتتيح هذه الممارسة إظهار مساحة من الضعف الشخصي أمام الشريك/ة، مما يعزز الشعور بالثقة والأمان العاطفي والجسدي بين الشريكين.

 

* تخفيف الضغط

 

يساعد التقمص الجنسي أيضًا في تخفيف الضغوط النفسية المتراكمة.

 

شئنا أم أبينا، جميعنا نضطر في حياتنا اليومية أن نلعب أدوارًا لا نرغب بها، وقد يكون التنكر والتقمص الجنسي مساحة للتحرر واستكشاف أدوار أخرى نختارها بأنفسنا دون قيد أو شرط.

 

تتيح لنا هذه الممارسة فرصة للراحة أو مهربًا من الحياة اليومية، حتى لو لم يدم ذلك سوى لساعات قليلة، ما يجعله طريقة جديدة للتعبير عن الذات أو في أحيان أخرى للهرب منها، عبر ممارسة بعض الخيالات التي قد تسقط خلف حدود التابوهات أو المحرمات إذا ما مارسناها في الواقع بعيدًا عن المساحة الآمنة للعلاقة بالشريك/ة.

 

يمنحنا هذا النوع من التنكر مساحة آمنة يتمكن فيها الشريكان من استكشاف أعمق وأغرب خيالاتهما الجنسية وأكثرها جموحًا.

 

فالبعض قد يجد صعوبة في استكشاف التجارب والتخيلات المختلفة، وقد يجدون صعوبة في التعبير عن مشاعرهم، خاصة غير المقبول منها في سياقهم الثقافي أو الاجتماعي، فيصبح التنكر وسيلتهم لاقتناص مساحة أوسع للتعبير بشكل مختلف.

 

 

* علاج نفسي

 

لا يقتصر التقمص الجنسي على تخفيف الضغوط النفسية الطبيعية التي يمر بها الأفراد في حياتهم اليومية، بل يمتد إلى من يعانون من بعض الاضطرابات النفسية، وقد أقر بعض المعالجين النفسيين باستخدامه كأداة من أدوات علاج الشعور بالقلق وكرب ما بعد الصدمة وتدني احترام الذات.

 

الأمر لا يقتصر على الملابس

 

للحصول على تجربة أفضل، لا ينبغي أن يقتصر التنكر الجنسي على الملابس أو الإكسسوارات المكملة لها فقط، لكن من الأفضل دمجه في لعبة تقمص جنسي أكبر، يرسم لها الشريكان السيناريو المناسب.

 

ابدأ/ي بمناقشة مفتوحة مع الشريك/ة حول خيالاتكما الجنسية المختلفة. إذا كانت هذه هي المرة الأولى التي تتحدثان فيها حول الأمر، يمكنك أن تبدأ/ي بالحديث عن خيالاتك وأفكارك قبل أن تسأل/ي الشريك/ة عن أفكاره وتخيلاته الخاصة لتشجيعه على البوح.

 

ستساعدكما هذه المناقشة المنفتحة على الفهم والاختيار: هل توجد تفضيلات مشتركة بينكما؟ حسنًا يمكنكما البدء بتجربتها، وحتى لو لم تتطابق تخيلاتكما أو رغباتكما فهناك مساحة أوسع لكل منكما لاستكشاف وتجربة رغبات الشريك/ة الآخر، ما يمنحكما تجارب جديدة ومثيرة وغير مطروقة حتى في الخيال.

 

الأصفاد

 

من المهم أيضًا أن تتأكد/ي من عدم ممانعة شريكك في الانخراط في هذه الممارسات حتى لو كنت تنوي/ن مفاجأته/ا.

 

إذا كنت تجد/ين صعوبة في إطلاق العنان لخيالك أو التفكير في سيناريوهات محتملة، فبإمكانك البحث في متاجر الملابس التنكرية سواء الموجودة بالفعل في مدينتك أو تلك المتاحة على الإنترنت، إذ قد يساعدك تصفح الأشكال المختلفة على إيجاد أفكار جديدة لم تخطر على بالك من قبل.

 

يمكنك شراء هذه القطع عبر الإنترنت إذا وجدت حرجًا في شرائها بنفسك، إذ صارت تتوافر اليوم بمختلف الأشكال والخامات والأسعار.

 

وإذا وجدت الأمر مكلفًا تذكر/ي دائمًا أن بإمكانك الابتكار، وأنك لا تحتاج/ين إلى تحمل المزيد من الأعباء على ميزانيتك المرهقة.

 

بإمكانك دائمًا إعادة استخدام ما لديك بمساعدة القليل من الخيال، على سبيل المثال: تنورة ضيقة وقصيرة مع قميص أبيض مفتوح قد تكفي لدور تلميذة المدرسة، وزوج من الأصفاد (الكلابشات) البلاستيكية كاف لدور الشرطي أو الشرطية.

 

الخيال هنا هو الأساس، بينما الملابس في النهاية مجرد محفز له، ربما تلعب دورًا في تجديد خزانتك الحميمية، لكن بإمكانك ممارسة التقمص الجنسي دائما دون الاستعانة بها.

 

بين الواقع والتوقعات

 

ربما تكون تخيلاتنا عن التنكر الجنسي شديدة الإثارة، وقد يرفع ذلك سقف التوقعات إلى أقصى حد،  لكن الواقع، خاصة في المرات الأولى، قد يكون صادمًا، وقد تخوننا توقعاتنا، تمامًا كما حدث في مسلسل "الكبير".

 

عادة ما يصاب المرء بالارتباك عند تجربة الأشياء للمرة الأولى، خاصة إذا ما قارن التجربة بالخيال الشعبي المستقى من أفلام البورن، والتي يبدو كل شيء فيها أكثر مثالية من واقعنا.

 

ربما تشعر/ين بالحرج أو السخف بعد ارتداء الزي التنكري، وقد تخشى أو تخشين من سخرية الطرف الآخر، أو قد تجد/ين الأمر مضحكًا أكثر منه مثيرًا، وربما لا تتمكن/ين من الاندماج في لعبة التقمص.

 

كلها أمور طبيعية ومتوقعة الحدوث، لا يملك معظمنا مهارات تمثيلية مرتفعة تساعدنا على تقمص الأدوار بشكل سريع.

 

أما إذا وجد أحدكما الأمر مضحكًا، تشاركا الضحكات، دون سخرية ودون إطلاق أحكام. استغلا الضحك لصالحكما، ولصالح توطيد العلاقة.

 

من المهم أن يُشعِر الشريكان بعضهما بالراحة والأمان، وألا يسخرا من بعضهما، أو يطلقا الأحكام تجاه أدائيهما، ومن الضروري ألا يُشعرا بعضهما بالحرج.

 

في النهاية، لا يتطلب التقمص الجنسي أن نكون مؤدين بارعين للأدوار، بقدر ما يتطلب أن نسمح لأنفسنا بمساحة حرة واسعة من الخيال والتجريب والثقة في الطرف الآخر.

 


 

المصادر:

https://www.psychologytoday.com/us/blog/talking-about-trauma/202112/becoming-another-person-through-cosplay#:~:text=Mental%20Health%20Consequences&text=In%20fact%2C%20it%20is%20more,to%20feel%20visible%20and%20affirmed.

https://www.itstartswithadam.com/blog/is-there-a-psychology-of-cosplay

 https://www.psychologytoday.com/us/blog/sex-drugs-and-boredom/201003/are-role-playing-gamers-insane

https://www.researchgate.net/publication/283094654_Sexuality_in_Role-Playing_Games

https://www.findatopdoc.com/Healthy-Living/10-Surprising-and-Real-Benefits-to-Exploring-Role-Playing-in-the-Bedroom