ما أجمل الكتابة اليوم وما أشبهَ هذه بتلك..



2017-04-02

8.3.2011

بمناسبة يوم المرأة العالمي

 

 

ما أجمل الكتابة في يوم المرأة هذا، فللمرة الأولى نكتب والتفاؤل ينادينا بدلا أن نشحذه، لأول مرة نكتب عن أيماننا بقدرتنا على التغيير دون أن نرتبك.
 
ساهم ثوار وثائرات الشعوب العربية، في بعث التفاؤل فينا، وفي شحذ إراداتنا، كما وقاموا ومن داخل ميادين تحريرهم بالمساهمة في تعزيز مشروعنا النسوي، بل ومشوا حاملين له. فالدفاع عن الحريات مطلب نسوي، والدفاع عن الديمقراطية مطلب نسوي، والتوزيع العادل للخيرات على رأس مطالبنا. إن مشهد النساء الى جانب الرجال في بعض الميادين هو مشهد تقر له أعين النسويات لأننا نسعى الى مشاركة النساء في العمل النضالي. ولأن رفع مكانة المرأة في الحيز العام واحترام وجودها واحترام جسدها هناك، هو ضمن مشروعنا النسوي. ولأن محاكمة المجرمين أيا كانوا مطلب تكرره النسويات في كل يوم من أيام المرأة. ولكن فوق كل هذا لأننا دائما نقول إن حريتنا من حرية شعوبنا، وأنه لا يمكن لنساءٍ شعوبهن مقهورة أن يتحررن.
 
لن ندّعي أن الثوار والثائرات تبنوا مطالبنا، لأن السعي نحو العدالة، ليس مشروعا حديثا بل قد ظهر بأشكال مختلفة منذ بدء استغلال الانسان للإنسان، ولا يمكننا أن نتجاهل أن الثورة إذ تبدو واعدة بالكثير فإنها ما زالت وحتى في المواقع التي انتصرت بها، بحاجة لحماية لأهدافها ولمكتسباتها. فمن واجبنا دفعها نحو التخلص من كل القوى المستغلة والمسيطرة، وكذلك الارتقاء بكافة شرائح المجتمع دون إقصاء لطبقة أو للون أو لمذهب، رجالا كانوا أم نساء. ومن واجبنا النسويات أن نكون في طليعة قوى التغيير وفي طليعة القوى الوطنية.
 
 استغل هذه المناسبة أيضا لأشكر حكام العرب البائسين، على خدمتهم لنا في خطبهم عند بلوغ أنظمتهم النزع الأخير، وأخص بالذكر علي عبد الله صالح في خطابة الأخير في الأول من آذار، حيث ادعى، فيما ادعاه، أن "الثورات العربية ليست إلا ثورة إعلامية تديرها الولايات المتحدة من غرفة في تل أبيب"، قال ذلك كما قال زعماء آخرون غيره، ودون قليل من الخجل، إن الثوارعملاء إما لأمريكا وإما للقاعدة. قالوا ذلك حرصا على مكانتهم، بل حرصا على أصولهم المالية المليارية التي "ورثوها عن آبائهم وأجدادهم الطيبين".
 
أشكر اولئك الرؤساء، لأنهم اتهموا الثائرين بنفس التهم التي يوجهها إلينا أصحاب السلطة البطريركية الخائفون، وبالتالي أكدوا أن مشروعنا يشابه بعدالته مشروع الشباب والشابات الثائرين، حيث تتهم النسويات في كافة أنحاء الوطن العربي من قبل أعداء الحركة النسوية بالعمالة للاستعمار وللإمبريالية الأمريكية، وبتلقي ملايين الدورلات مقابل "تفكيكهن للأسر العربية السعيدة"، ومقابل "هجومهن على الدين"، وعلى "القيم العربية الأصيلة"، فنحن بناء على أكاذيبهم، خادمات للولايات المتحدة تارة، وللإتحاد الأوروبي تارة أخرى، ناهيكم عن "خدماتنا" الجليلة للصهيونية. لم تشهد اتهامات رؤساء أنظمة الفساد لحاملي لواء الثورة إلا بالكمال، فما أجمل المذمَة حين تأتي من الناقصين.
 
إنها منظومة السلطة والقوة حين تخاف على نفسها تحاول التشويه. إن ما يقوم به معمر القذافي وعلي عبد الله صالح ومن قبلهم حسني مبارك، من محاولات بائسة لتشويه الثورة والثوّار، لا تظهر خوفهم على سلطتهم فحسب، وإنما تشير إلى استهانتهم بقدرات شعوبهم، أو بالأحرى شعوب سيطروا عليها، ولم ينتخبوا بنزاهة من قبلها. هم انتخبوا من قبل أذرع فاسدة عملت داخل وخارج صناديق الاقتراع، فأخافات وأرهبت وهددت واستغلت نفوسا مريضة وأفواها جائعة. هم أصلا لا يؤمنون بأنهم جزء من شعب قادر على التصدي للقمع والقامعين، وهم فعلا يعتقدون أن غرفة في تل أبيب تستطيع أن تدير شعوبهم، فمرة تستدعى القاعدة، ويستدعى أسامة بن لادن لـ"يفسر" سبب خروج الملايين الى الشوارع، ومرة تستدعى تل أبيب. ومرة "تتهم" الجزيرة. تلك مقولات لا تهين إلا قائلها، الذي لو استغنى عنها لحفظ.. ما لم يتبقَّ من ماء وجهه، تلك مقولات لا تشير إلا الى اقتراب انتهاء سلطتهم.
 
نفس المقولات قيلت وما زالت تقال لنا، النسويات المناديات بالعدالة بين النساء والرجال، فكم قيل وكم كتب عنا وكم صدرت بيانات تتهمنا بخدمة "أجندات" غربية"، ومؤسسات تهدف إلى فكفكة "الأمة" وإضعافها. و"إفساد نسائها الطاهرات". فالعدالة برأيهم مشروع غربي، والمساواة برأيهم مشروع غربي، هم لا يؤمنون أن نساء شعوبهم قادرات على التغيير، لا يؤمنون بأننا صاحبات قضية، وربما نعم يؤمنون ولكن يخافون، هم لا يؤمنون بأن مشروع العدالة بين النساء والرجال هو مشروع إنساني وقاطع للشرق والغرب، ربما يعلمون ولكنهم يخافون! لأن مشروعنا يهدد سلطتهم كما تهدد الثورات سلطة بعض الأنظمة العربية ورؤسائها فيخافون على ملياراتهم. وأما أعداء المشروع النسوي فيخافون على "ممتلكاتهم" التي قد تضيع منهم، فالنساء بعض من "غنائمهم"، ولذا عليهن أن يسرن ويتحركن داخل البيت وخارجه بما يملي عليهن هذا النظام، فالحراك في الحيز العام يجب أن يكون ضمن الحدود التي وضعوها هم، وأما اللواتي يخرحن إلى الميدان وينادين بالتحرير، فما هن إلا -أدوات بيد الصهيونية والكولونيالية الغربية- تماما كما أن الشعب اليمني أداة بيد أمريكا ولا يحرّك إلا من غرفة في تل أبيب.