
بشكل عام يبدأ الاطفال (ذكوراً واناثاً) بالسؤال حول اعضاءهم الجنسية بجيل سنتين ونصف، إما من خلال رؤيتهم لجسمهم او من خلال مشاهدتهم لاجسام الاخرين. ويعتبر هذا السلوك طبيعي جداً لدى الاطفال وهو جزء من مراحل النمو الجنسي العاطفي لديهم. وهنا يجب ان نؤكد بأن اعضاءنا الجنسية هي كباقي اعضاء الجسم (كاليد، الانف، الاذن الارجل....) وعلينا ان نعرّف الاطفال عليها بحسب اسماءها الصحيحة والعلمية وليس باسماءها المغلوطة او باسماء "الدلع" التي نعطيها احيانا لاعضاءنا الجنسية، بمعنى اخر، على الطفل او الطفلة ان يتعلموا كلمة "قضيب" او "فرج" او "مهبل" وان ينادوهم بأسمائهم الصحيحة وليس بأسماء اخرى. فالطفل في هذه المرحلة يبدأ بالتعرف على جسمه ويبدأ بالتمييز بين جسمة وجسم الجنس الاخر، وهو لا يتعامل مع الموضوع من منظور جنسي (كما نفعل نحن الكبار) انما من منطلق تعلمي وفضولي. من خلاله يكتشف جسده والعالم المحيط به.
في كثير من الاحيان يتوتر الاهل او يخجلون عندما يسألهم اطفالهم عن اعضاءهم الجنسية، والبعض منهم يقومون بتغيير الموضوع وعدم اجابة الطفل/ة على السؤال واحيانا يقومون بتوبيخهم، وهنا يشعر الطفل/ة بأن هنالك "خطأ" ما في اعضاءه الجنسية او بأن اعضاءهم الجنسية تثير الارتباك والتوتر عند الاهل. ان هذا النوع من ردود الفعل لدى الاهل قد يؤدي الى انشغال الطفل/ة اكثر باعضاءه/ا الجنسية، وفي مراحل عمرية اكبر، قد يبدأ الطفل/الشاب في البحث عن اجوبة لاسئلته الجنسية من مصادر اخرى (المجلات، التلفزيون، الافلام، الانترنت وغيرها...)، وعدم التوجه والاستعانه بالاهل وذلك نتيجة لردود فعلهم حول الموضوع.
يمكنك الدخول لزاوية الأهل والوالدية وقراءة المزيد حول الموضوع
المتوجهة العزيزة،
لا شك أن مسألة تعرض الأطفال الصغار للمواقع والأفلام الجنسية الإباحية بات يشغل بالنا كأهل وكمربين، بل ويضعنا في وضع محير وحرج في آن واحد. إذ أن الانفتاح وسيولة المعلومات في عصر الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي، نجح إلى حد ما في "مصادرة" جزء من دورنا التربوي، لا سيما ذلك المتعلق بمبدأ التدرج في المعلومات حسب الفئة العمرية، وانتقاء المضامين التربوية لتكون الأرضية للحوار مع الأولاد حول مواضيع الجنسانية.
فالتكنولوجيا العصرية استدخلت الدعاية الجنسية وأفلام الإثارة في كل المواقع، بحيث نجدها تحتل شاشة الكمبيوتر تقريبا بكل صفحة جديدة، بالألعاب، الأغاني على اليوتيوب، وفي عمليات البحث عن أي موضوع كان. ناهيك عن الضغط الجماعي الذي يتعرض له الأطفال الصغار في المدرسة أو في حلقات الأصدقاء، حيث يحصلون على عناوين لمواقع جنسية من بعض الأصدقاء ويقومون بزيارتها وتصفحها، بدون علم الأهل.
هذه الحالة تشعرنا كأهل بفقدان السيطرة لأننا لا نعرف ما هو الأسلوب الأفضل في التعامل مع هذه القضية. فمن جهة الطفل لا يزال صغيرا (10 سنوات في حالة ابنك) ولم تكتمل لديه بعد مرحلة تذويت المفاهيم الأساسية في التربية الجنسانية وفي فهمه للمراهقة والتغييرات المرافقة لها؛ ومن جهة أخرى، دخل دائرة التعرض للمواد والمواقع الجنسية الإباحية في سن مبكرة مما يؤدي لعملية تشويه في المفاهيم الاساسية في التربية الجنسية.ولا بد من التحدث عنها مباشرة وبلغة بسيطة تحترم عقله.
دعينا نبدأ من البداية :
• ينصح أخصائيو التربية بعدم وضع جهاز الكمبيوتر المتصل بالإنترنيت في غرفة الطفل، بل في مكان عام بالمنزل، وبذلك نكون قد ضمنا - نسبيا - حالة الرقابة على المضامين التي يتعرض لها، وبالطبع نضمن عدم تعرضهها لأي اعتداء أو استغلال جنسي عبر الانترنيت.
• من الضروري التحدث عن التغيرات الجسمية والمشاعر الجنسية المرتبطة في مرحلة المراهقة والتغييرات النفسية التي تتأثر بمستوى الهرمونات في جسم المراهق. الحديث الصريح والمباشر سيشجع الطفل على السؤال وعلى المشاركة بأفكاره وبخبراته مع زملائه خلال الساعات التي يكون بها خارج المنزل.(من الممكن مراجعة الروابط في أدنى الصفحة حول هذا الموضوع).
• من المهم إظهار "التعاطف" مع الطفل الذي "رضخ" للضغط وشاهد الأفلام لسبب أو لآخر. بمعنى أن نؤكد له على تفهمنا لحاجته بالاستكشاف والتعرف على هذا العالم ...الخ
• التأكيد على مبدأ أن هناك خصوصيات لمرحلة الطفولة وأخرى لمرحلة ما بعد البلوغ وأن الأفلام الإباحية الجنسية أُعدت للبالغين وليس للصغار ، كون البالغين قادرين على التمييز بين ما هو حقيقي وواقعي وبين ما هو خيالي وتجاري لأن لها أثر سلبي عليهم. بإمكان البالغين الحاصلين على رخصة فقط سياقة السيارة، بينما الأطفال لا يمكنهم فعل ذلك.
• ألتأكيد على أن لهذه الأفلام أثر شبيه بالإدمان، بمعنى أن الشخص تتولد لديه الرغبة في رؤية المزيد ولا تتوقف الحاجة عند الفيلم الأول.
• علينا أن نضع "العلاقات الجنسية" في السياق الأخلاقي الملائم لكل أسرة، وعلينا التأكيد على أن الشروع بالعلاقات الجنسية يتطلب بالأساس نضجا نفسيا وعقليا، بالإضافة إلى النضج الجسمي.
• الأفلام الجنسية تبالغ في "تشييء" النساء، بمعنى انها تُظهر النساء على أنهن مجرد أجساد " جميلة" وجدت لتلبية حاجات الرجل.
• الأفلام الجنسية تجعل الفتيان يفهمون العلاقة بين شخصين على أنها عابرة، جنسية بالأساس، سريعة، لا حاجة لاستثمار جهد نفسي وعاطفي وعقلي لبناءها وتطويرها
• الرجال في هذه الأفلام يشكلون "مثلا أعلى" للرجولة والأداء الجنسي وبالتالي يُشعرون الأولاد الذكور وكأنهم يعانون من نقص لأن أجسامهم وأحجام أعضائهم الجنسية لا يقارن مع هؤلاء الممثلين.
• أخيرا، من المهم سماع رأي الطفل بهذه النقاط وماذا يشعر بعد أن قمت بتوضيحها له. عليك أن تؤكدي له بأنك تثقين به وبأنك تتوقعين منه الالتزام بعدم الدخول إلى هذه المواقع.
قد تبدو النقاط الواردة أعلاه كأنها معقدة لا تلائم مستوى فهم طفل في العاشرة، ولكن ستفاجئين بمدى استعداده للخوض في النقاش حولها. صدقك في التعامل معه سيجعله شفافا ويشركك في تفاصيل لم تكوني على اطلاع عليها من قبل.
بالطبع، لا ضمانه على أنه لن يتصفح هذه المواقع مستقبلا، ولكن المضمون هو أنه سيتعامل معها بتفكير نقدي وليس كمتلقي سلبي تابع.
مقالات في موضوع الجنسانية والطفولة :
http://www.jensaneya.org/?mod=articles&ID=557
http://www.jensaneya.org/?mod=articles&ID=642
نتفهم قلقك المتعلق بالقرب النفسي والجسدي بين أولادك التوأم، في ظل ثقافة "مُستحدَثة"، تؤكد على ضرورة الفصل بين الجنسين وتشدد على "المخاطر" التي قد تنجم عن الاختلاط. ونقول "مُستحدثة" لأنها لم تكن يوما جزءا من ثقافتنا العربية التي يغلب عليها طابع العائلات الممتدة، حيث تعيش غالبية الأسر العربية في بيوت صغيرة وغرف نوم مشتركة للأخوة والأخوات، ولم تكن نسبة حالات الاستغلال الجنسي أكبر مما هي عليه اليوم، في ظل مجتمع أكثر رفاهية، ومتمكن اقتصاديا على تكريس غرف منفصلة لكلا الجنسين من الأخوة والأخوات.
من هنا نتساءل، هل يمكن أن نستنتج بأن العلاقات الأسرية داخل العائلات غير المقتدرة اقتصاديا - والتي تضطر للمبيت في ذات الغرف - هي علاقات "غير صحية" أو "علاقات شاذة" بين الأخوة والأخوات؟
الإجابة على السؤال هي النفي، إذ تؤكد الدراسات العلمية على أن الأطفال، وخصوصا في مراحل الطفولة المبكرة، وكجزء من عمليات الاستكشاف التي يقومون بها لفهم ما يدور من حولهم، هم منهمكين أيضا في استكشاف أجسامهم وأعضائهم، ويقارنون أنفسهم بالآخرين من حولهم وخصوصا الجنس الآخر. مثلا، في الحضانات ورياض الأطفال، يبدأ الطفل بفهم الفروقات الجسدية بين الذكر والأنثى نتيجة الانكشاف على الأعضاء الجنسية في المراحيض الخاصة بهم وبأوقات القيلولة وتغيير الملابس. عندما تُلبى حاجة الطفل في الاستطلاع والاستكشاف سيصبح مكتفيا ومتمكنا وبالتالي ستخبو الحاجة للاستكشاف والمعرفة في مرحلة عمرية لاحقة، قد تؤدي عملية البحث خلالها إلى انخراط الفتى أو الفتاة في سلوكيات غير سليمة. عمليات التعلم من خلال البحث والاستكشاف في مرحلة الطفولة المبكرة هي جزء لا يتجزأ من سمات هذه المرحلة وهي بمثابة الأساس في مسار التطور الإنساني عموما.
هنا يأتي دورنا التربوي كأهل وكمربين، حيث تقع على كاهلنا مسؤولية وضع "المعرفة" ضمن الحدود المتعارف عليها وذلك بهدف حماية الأطفال من التعرض للايذاء الجنسي من جهة، ومن جهة أخرى لتعزيز فهمهم بحيث لا ينخرطون في سلوكيات قد تؤذي الآخرين من حولهم.
لا ضرر في اختلاط الأخوة والأخوات ولا في مبيتهم معا في غرف مشتركة ولا حتى في لباسهم الفضفاض داخل المنزل أو تغير الملابس أمام بعضهم البعض طالما لا يزعجهم الأمر، مع التشديد على قضية الحدود وعلى الالتزام بمبدأ احترام الخصوصيات. أي محاولة من قبل الأهل للتفريق بينهم سيزيد من حجم حب الاستطلاع لديهم للمعرفة والاستكشاف لأن هذا التفريق غير "منطقي" بالنسبة لهم كصغار. لكن مع اقتراب الطفل من بداية مرحلة البلوغ والمراهقة، يبدأ تلقائيا بالمطالبة بالخصوصية والذي يتمثل في سلوكيات واضحة كإغلاق باب الحمام بالمفتاح، أو غرفة النوم خلال تغيير الملابس وغيرها من السلوكيات التي تشير على حاجة الطفلة إلى الخصوصية والحدود. هنا من الضروري أن يلعب الأهل دورا في حماية هذه الخصوصية والحدود، كأن لا تدخل الأم إلى الغرفة بدون إذن، بل ومنع أي من أفراد الأسرة الآخرين من اختراق خصوصيات بعضهم البعض، تماما كما هو مطلوب من الطفلة أن تطلب الإذن قبل دخول غرفة نوم الأبوين مثلا.
في دراسة قمنا بها قبل سنوات وجدنا أن نسبة حالات الاستغلال أو الايذاء الجنسي كانت متشابهة بين فئات المجتمع الفلسطيني، ولم يكن هناك فرق بين المدينة والقرية والمخيم. ووجدنا أن نسبة الاعتداءات كانت أعلى داخل الأسر التي تفصل بين الأخوة والأخوات وأقل بين الأسر التي نام بها الأخوة والأخوات في ذات الغرفة.
ننصحك بعدم تضييق المساحة الحميمية، البيولوجية المشتركة لطفليك التوأمين لأنها أرضية صحية لعلاقة طبيعية وطيبة وداعمة مستقبلا. مرافقتك وحرصك وتأكيدك على الخصوصية والثوابت الأخلاقية داخل المنزل، كلها كفيلة لضمان عدم انخراطهما بسلوكيات غير مقبولة. لاحقا وفي مرحلة ما، سيطالب كل منهما بخصوصيتها الخاصة ولكن حتما ستبقى العلاقة الأخوية الطيبة بينهما، وهذا ما يطمح إليه كل أب وأم.
يهتم الأطفال بالعادة بألعاب وبأنشطة الجنس الآخر، بل أكثر من ذلك، في العديد من الحالات قد يُعَرِّف الأطفال أنفسهم على أنهم الجنس الآخر تماهيا مع إعجابهم بعالم الجنس الآخر. إذ قد يقول الطفل الذكر "أنا بنت" ويرتدي ملابس البنات ويضع حلى وإكسسوارات خاصة بالبنات، وقد تُصر البنت على تعريف نفسها بأنها "ولد" فتهتم بألعاب الذكور وتُفضّل صحبتهم على مصاحبة البنات من جيلها.
كل ذلك طبيعي جدا لأن الطفل - وكما تشير الأبحاث -ومن خلال مراقبته للأدوار الاجتماعية للذكور وللإناث (ما يعرف بالأدوار الجندرية)، يتولد لديه شعورا ما من عدم "العدالة" أو الغيرة من الجنس الآخر، فمثلا قد يشعر الولد الذكر بأن "البنات يلبسن بنطلون وأيضا فساتين ويضعن الأقراط و....." بينما هو لا يملك هذا الحق. أما البنات فينظرن إلى عالم الذكور على أنه "حر، قوي، غني بالحركة الجسدية التي تتطلب قوة وبراعة وتحدي..." وهو بالشيء غير المسموح به في عالمهن.
الاهتمام بالألعاب المخصصة للجنس الآخر - وفق ما هو "مقبول" اجتماعيا - يستمر حتى فترة المراهقة، حيث تبدأ الأنماط السلوكية للنوعين، للذكور والإناث، تتجذر، متأثرة بالعلاقات السائدة داخل المدرسة وفي الأطر الاجتماعية الأخرى خارجها. بحيث يتبنى غالبية الأطفال من الجنسين "ما هو مقبول" اجتماعيا، وبالتالي ينحسر الاهتمام "بتقاليد" الجنس الآخر ويبدأ كل منهم ببلورة الهوية الجنسية بما فيها الدور الاجتماعي الخاص بهذا الجنس أو ذاك.
فقط الأطفال الذين يصرون على كونهم "الجنس الآخر" بعد مرحلة البلوغ، هم من سيحتاجون إلى مرافقة علاجية لاحقا، للتأكد من هويتهم الجنسية، وقد يكونوا فعلا "متحولي الجنس" بمعنى أنهم متأكدون بأنهم الجنس الآخر "المسجون" بجسد مغاير، وحينها سيبدأون بمسار طويل من عمليات التحول للجنس الآخر.
عودة إلى سؤالك والذي نستشف من خلاله بأن هوية ابنتك الجنسية الجندرية واضحة بالنسبة إليها بدليل أنها تتصرف "كأنثى" (بالمعنى التقليدي السائد مجتمعيا) وخصوصا في المناسبات الرسمية وغيرها. بالتالي، فإن اهتمامها وانخراطها بألعاب "الصبيان" يندرج ضمن حاجتها لتجريب أشكال متعددة من أنماط الأدوار الجندرية لكي تتمكن من بلورة رؤيتها الخاصة لما تريده لنفسها من دور.
ننصحك باحتوائها وتقبُّل اهتماماتها والحوار معها حول مشاعرها تجاه هذا "التحدي" بالسلوك والاهتمام. قربك - وبالطبع قرب والدها - منها سيعزز قدراتها على تشكيل رؤية واضحة لما تريد أن تكون، مما سيسهم فعلا في بناء شخصية قوية مستقلة لديها، وبالمقابل واثقة من دوركما التربوي الداعم كأهل لها.
نحن نتفهم القلق والتوتر الذي تشعرين به، لكن مهم ان تعلمي بأن ابنك كأي طفل أو مراهق (لا يعاني من تحدّ معين)، لديه غرائزة واحتياجاته الجنسية وهو بحاجة للتعبير عنها وتفريغها.
إن ردود فعلنا كأهل لسلوكيات أطفالنا ستلعب دورا محوريا في بلورة رؤيته لجنسانيته وتعامله مع أحاسيسه وإدراكه للعلاقات مع الآخرين.
نقترح عليك أن تحاولي فتح الموضوع معه بصورة دافئة بدون إشعاره بالتهديد، وأن تمنحيه الشرعية ليعبر عن مشاعره. عليك بإرشادة للدخول الى الحمام او مكان خاص كغرفة النوم في كل مرة يمارس بها الاستمتاع الذاتي. استمري في ارشاده وتوجيهه الى ان يذّوت هذا السلوك ويفهم ان لهذه الممارسة خصوصية ويجب عدم ممارستها أمام الآخرين. قد يتطلب هذا الأمر فترة زمنية ليست بقليلة، لذا عليك التريث والصبر ومشاركة زوجك بالموضوع ليكون شريك هو ايضا في التربية الجنسية والجنسانية لطفلك.
برمجة و تطوير :: انتيتيز تكنولوجيز