انا ام لتوام بنت وولد في اي جيل يجب الحجز بينهم اي بمعنى متى يتوجب علي فصلهم عن بعض وهل في جيل سنه يجب تبديل الملابس لكل واحد بعيد عن الاخر؟

2015-07-29

نتفهم قلقك المتعلق بالقرب النفسي والجسدي بين أولادك التوأم، في ظل ثقافة "مُستحدَثة"، تؤكد على ضرورة الفصل بين الجنسين وتشدد على "المخاطر" التي قد تنجم عن الاختلاط.  ونقول "مُستحدثة" لأنها لم تكن يوما جزءا من ثقافتنا العربية التي يغلب عليها طابع العائلات الممتدة، حيث تعيش غالبية الأسر العربية في بيوت صغيرة وغرف نوم مشتركة للأخوة والأخوات، ولم تكن نسبة حالات الاستغلال الجنسي أكبر مما هي عليه اليوم، في ظل مجتمع أكثر رفاهية، ومتمكن اقتصاديا على تكريس غرف منفصلة لكلا الجنسين من الأخوة والأخوات. 

من هنا نتساءل، هل يمكن أن نستنتج بأن العلاقات الأسرية داخل العائلات غير المقتدرة اقتصاديا - والتي تضطر للمبيت في ذات الغرف - هي علاقات "غير صحية" أو "علاقات شاذة" بين الأخوة والأخوات؟

الإجابة على السؤال هي النفي، إذ تؤكد الدراسات  العلمية على أن الأطفال، وخصوصا في مراحل الطفولة المبكرة، وكجزء من عمليات الاستكشاف التي يقومون بها لفهم ما  يدور من حولهم، هم منهمكين أيضا في استكشاف أجسامهم وأعضائهم، ويقارنون أنفسهم بالآخرين من حولهم وخصوصا الجنس الآخر. مثلا، في الحضانات ورياض الأطفال، يبدأ الطفل بفهم الفروقات الجسدية بين الذكر والأنثى نتيجة الانكشاف على الأعضاء الجنسية في المراحيض الخاصة بهم وبأوقات القيلولة وتغيير الملابس. عندما تُلبى حاجة الطفل في الاستطلاع والاستكشاف سيصبح مكتفيا ومتمكنا وبالتالي ستخبو الحاجة للاستكشاف والمعرفة في مرحلة عمرية لاحقة، قد تؤدي عملية البحث خلالها إلى انخراط الفتى أو الفتاة في سلوكيات غير سليمة.  عمليات التعلم من خلال البحث والاستكشاف في مرحلة الطفولة المبكرة هي جزء لا يتجزأ من سمات هذه المرحلة وهي بمثابة الأساس في مسار التطور الإنساني عموما. 

هنا يأتي دورنا التربوي كأهل وكمربين، حيث تقع على كاهلنا مسؤولية وضع "المعرفة" ضمن الحدود المتعارف عليها وذلك بهدف حماية الأطفال من التعرض للايذاء الجنسي من جهة، ومن جهة أخرى لتعزيز فهمهم بحيث لا ينخرطون في سلوكيات قد تؤذي الآخرين من حولهم.

لا ضرر في اختلاط الأخوة والأخوات ولا في مبيتهم معا في غرف مشتركة ولا حتى في لباسهم الفضفاض داخل المنزل أو تغير الملابس أمام بعضهم البعض طالما لا يزعجهم الأمر، مع التشديد على قضية الحدود وعلى الالتزام بمبدأ احترام الخصوصيات. أي محاولة من قبل الأهل للتفريق بينهم سيزيد من حجم حب الاستطلاع لديهم للمعرفة والاستكشاف لأن هذا التفريق غير "منطقي" بالنسبة لهم كصغار.   لكن مع اقتراب الطفل من بداية مرحلة البلوغ والمراهقة، يبدأ تلقائيا بالمطالبة بالخصوصية والذي يتمثل في سلوكيات واضحة كإغلاق باب الحمام بالمفتاح، أو غرفة النوم خلال تغيير الملابس وغيرها من السلوكيات التي تشير على حاجة الطفلة إلى الخصوصية والحدود.  هنا من الضروري أن يلعب الأهل دورا في حماية هذه الخصوصية والحدود، كأن لا تدخل الأم إلى الغرفة بدون إذن، بل ومنع أي من أفراد الأسرة الآخرين من اختراق خصوصيات بعضهم البعض، تماما كما هو مطلوب من الطفلة أن تطلب الإذن قبل دخول غرفة نوم الأبوين مثلا. 

في دراسة قمنا بها قبل سنوات وجدنا أن نسبة حالات الاستغلال أو الايذاء الجنسي كانت متشابهة بين فئات المجتمع الفلسطيني، ولم يكن هناك فرق بين المدينة والقرية والمخيم.  ووجدنا أن نسبة الاعتداءات كانت أعلى داخل الأسر التي تفصل بين الأخوة والأخوات وأقل بين الأسر التي نام بها الأخوة والأخوات في ذات الغرفة.

ننصحك بعدم تضييق المساحة الحميمية، البيولوجية المشتركة لطفليك التوأمين لأنها أرضية صحية لعلاقة طبيعية وطيبة وداعمة مستقبلا.  مرافقتك وحرصك وتأكيدك على الخصوصية والثوابت الأخلاقية داخل المنزل، كلها كفيلة لضمان عدم انخراطهما بسلوكيات غير مقبولة.  لاحقا وفي مرحلة ما، سيطالب كل منهما بخصوصيتها الخاصة ولكن حتما ستبقى العلاقة الأخوية الطيبة بينهما، وهذا ما يطمح إليه كل أب وأم.