الإستمتاع الجنسي الذاتي (العادة السرية) Masturbation



2017-04-02

هي الاستثارة الذاتية الناتجة عن مداعبة الشخص لأعضائه/ها الجنسية بهدف الحصول على المتعة الجنسية والتي تصل إلى مرحلة النشوة (الاورغازم). هذه المتعة تتم بوسائل كثيرة ووسائط متعددة مثل الحك أو التدليك أو العصر أو الإهتزاز، كل هذا للأعضاء الجنسية بالطبع، ولكن من الممكن أن تحدث الإثارة عن طريق مثل هذه الوسائل لأعضاء أخرى غير الأعضاء الجنسية مثل الثديين والجانب الداخلي للفخذ أو في بعض الأحيان الشرج.

 

تقول أخصائية العلاج الجنسي "بيتي دادسون" : "التمتع الجنسي الذاتي هو علاقة حب مستمرة مدى الحياة لكل منا مع نفسه. إنها طريقة تساعدنا على التعرف على استجاباتنا الجنسية ... واكتشاف مشاعرنا الجنسية... وتعلمنا كيف نتقبل أعضاءنا الجنسية ونحبها... بالنسبة لنا نحن النساء خاصة، فهي أسلوب لبناء الثقة بالنفس لنصبح قادرات على التواصل والاتصال مع أحبائنا". لقد أصبح هناك إجماعا بين العلماء، الأطباء والأخصائيين النفسيين خلال السنوات الأخيرة الماضية على أن الاستمتاع الجنسي الذاتي أو العادة السرية هي تعبير جنسي طبيعي وسلوك غير ضار للإنسان في جميع الأعمار ولكلا الجنسين.

الاستمتاع الجنسي الذاتي هو وسيلة صحية للتعرف على أجسادنا وعلى المناطق التي تسبب لنا المتعة مما يساعدنا في عملية التواصل مع الشريك/ة. إنها وسيلة لتلبية احتياج جنسي لا يمكن تلبيته مع شخص آخر إما لعدم وجوده/ها أصلا أو بسبب غيابه/ها. يستخدم علماء الجنس  مصطلح "العادة السرية" للإشارة إلى الفعل بدون النظر إلى النتيجة، أي انه ليس بالضرورة أن تؤدى هذه الإثارة الجنسية إلى قذف حتى نطلق عليها لفظ العادة السرية، هذه نقطة هامة لابد أن نتفق على مفهومها قبل الخوض في مناقشتها بالتفصيل.

 

هناك نقطة أخرى هامة هي أننا سنحاول التركيز في عرضنا للعادة السرية كنشاط ذاتي فردى وليس مع شريك آخر، لأنه من الممكن في العلاقة الجنسية بين طرفين وأثناءها أن يحدث ما يشبه العادة السرية التي أحياناً تستخدم كعلاج، لكن هذا ليس هو ما نقصده. العادة السرية من الممكن أن تبدأ منذ الطفولة، وتشمل الجنسين الانثى و الذكر على السواء، وهى توجد أيضاً في مراحل كثيرة من سلم المملكة الحيوانية، فقد لاحظ العالمان "فورد وبيتش" 1951 هذا السلوك في أنواع كثيرة من الحيوانات مثل "القردة العليا" و"النسانيس" التي تفعل ما يشبه العادة السرية.

لاحظ العالمان أيضاً وجودها وممارستها بواسطة بعض الثدييات الأخرى، وفى بحثهما نقرأ: "ذكور الأفيال في بعض الأحيان تداعب قضيبها شبه المنتصب بواسطة جذعها، وذكور الكلاب والقطط تلحس عادة عضوها لتحدث إنقباضات قوية في منطقة الحوض مما يثبت التأثير الجنسي لهذه المداعبات، وقد لاحظنا أيضاً هذه الممارسات في الدولفين". وبالرغم من محاولة هذين العالمين "فورد وبيتش" إضفاء الطبيعية على هذه العادة إلا أنهما لاحظا أن معظم المجتمعات الإنسانية تدين هذا السلوك وتعتبره غير مرغوب فيه.

من الناحية العلاجية وفيما يتعلق بالمشكلات والمعيقات الجنسية، فإن عملية الاستمتاع الجنسي الذاتي تعتبر إحدى الأسس العلاجية المهمة خصوصا في حالات البرود الجنسي لدى النساء ومشاكل عدم القدرة على الانتصاب أو القذف المبكر لدى الرجال. بالنسبة للاستمتاع الجنسي الذاتي لدى الأطفال، فقد نجح العلماء في مراقبة الأجنة الذكور بواسطة الألتراساوند ووجدوا بأن الجنين الذكر ينتصب قضيبه وهو لا يزال جنينا في رحم أمه (فرانكور 1991). في إحدى الدراسات الشيقة والتي تمت خلالها مراقبة أطفالا تتراوح أعمارهم ما بين 3 وحتى 20 أسبوعا، تبين أن 7 أطفال من أصل 9 حدثت لديهم انتصابات من 5 إلى 40 مرة خلال اليوم.

بعض الإناث البالغات من العمر 7 أشهر قمن بالضغط على أعضائهن الجنسية وبلغوا ما يشبه النشوة (الاورغازم) لدى البالغين. من وجهة النظر العلمية يتم التعامل مع هذه السلوكيات الجنسية على أنها استجابات عصبية طبيعية، تختلف عن الاستجابات الجنسية لدى الكبار على الرغم من أنها تسبب لذة معينة للأطفال الذين يمارسونها. غالبيبة الأطفال ينسون هذه الاستجابات مع انتهاء مرحلة الطفولة المبكرة ويعودون لتعلمها وممارستها من جديد مع بداية مرحلة المراهقة.

تقرير خالد منتصر 2005 موقع ايلاف تاريخ العادة السرية احتار علماء اللغة في أصل كلمة العادة السرية MASTURBATION وبحثوا في جذرها اللغوي فوجدوه غير واضح وإنقسموا إلى فريقين، الفريق الأول أرجع الكلمة إلى الأصول الرومانية، والثاني أعاده إلى الأصل اللاتينيMANUS بمعنى يد وSTUPRO بمعنى ينجس، أي أنه الفعل الذي ينجس اليد، لكن معظم الدارسين الآن يرجعونها إلى الجذر اللغوي اليوناني MEZEA أي الأعضاء الجنسية، وهو ما يتفق مع المعنى الأصلي القديم للعادة السرية وهو إثارة الأعضاء الجنسية برغم هذه الجذور اليونانية والرومانية للكلمة إلا أن كلاً من المجتمع اليوناني والروماني لم يناقش هذه العادة بإستفاضة وأبدى حيالها الصمت إلا في كتابات قليلة مثل ما قاله "أبو قراط" والذي يعتبر الجد الأول للطب، والذي كتب يحذر منها ويقول "كثرة العادة السرية تستهلك النخاع"، والعجيب أن هذا هو المفهوم الشعبي المصري المستقر حتى الآن بالنسبة لهذه العادة!، وقد زاد عليها شعبنا بأنها تتسبب في خلخلة الركب!

وبالرغم من أن الكتاب المقدس لم يدن صراحة العادة السرية أو يقل فيها قولاً فصلاً واضحاً، أو نصاً ظاهراً حيالها، إلا أن اليهود والمسيحيين المحافظين يدينونها وينظرون إليها كإثم وذنب عظيمين، وقد حاولت هذه التيارات المحافظة الإستناد إلى قصة" أونان" في سفر التكوين، والتي إعتبروها مرسوماً صادراً من الرب ضد العادة السرية، يقول النص: "فقال يهوذا لأونان إدخل على إمرأة أخيك وتزوج بها وأقم نسلاً لأخيك فعلم أونان أن النسل لا يكون له.

فكان إذا دخل على إمرأة أخيه أنه أفسد على الأرض لكيلا يعطى نسلاً لأخيه. فقبح في عيني الرب ما فعله. فأماته أيضاً" فسرت التيارات المحافظة هذا الفعل لأونان على أنه العادة السرية، ولكن الدراسين المحدثين يفسرونه على أنه كان بالفعل يجامعها ولكنه كان يقذف في الخارج، وهذا فعل مختلف تماماً عن العادة السرية، وقد صارت هذه القصة في حكم البديهيات لدرجة أن العادة السرية كانوا يطلقون عليها الأونانية ONANISM حتى أوائل القرن العشرين. في الإسلام أيضاً إختلفت الآراء، فالإستمناء أو جلد عميرة (الإسم الذي يطلق على العادة السرية) يراه البعض حراماً مطلقاً، ويراه البعض حراماً في بعض الحالات وواجباً في بعضها الآخر، والبعض الآخر ذهب إلى القول بمجرد كراهته، ولكل منهم قياساته وحججه.

أما الذين ذهبوا إلى تحريم الإستمناء فهم المالكية والشافعية والزيدية، وحجتهم في التحريم أن الله سبحانه وتعالى أمر بحفظ الفروج في كل الحالات إلا بالنسبة للزوجة وملك اليمين، فإذا تجاوز المرء هاتين الحالتين وإستمنى كان من العادين المتجاوزين ما أحل الله لهم إلى ما حرمه عليهم، وإعتمدوا في ذلك التحريم على قول الله تعالى في سورة المؤمنون: "والذين هم لفروجهم حافظون. إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين. فمن إبتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون".

نأتي إلى الفريق الثاني الذي حرم في بعض الحالات وأوجبها في البعض الآخر، وهذا الفريق هو فريق الأحناف فقد قالوا: إنه يجب الإستمناء إذا خيف الوقوع في الزنا بدونه جرياً على قاعدة إرتكاب أخف الضررين. أما الحنابلة فقد قالوا أنه حرام إلا إذا إستمنى خوفاً على نفسه من الزنا أو خوفاً على صحته ولم تكن له زوجة أو أمة ولم يقدر على الزواج فلا حرج عليه.

أما إبن حزم فيرى أن الإستمناء مكروه ولا إثم فيه، لأن مس الرجل ذكره بشماله مباح، وإذا كان مباحاً فليس هناك زيادة على المباح إلا التعمد لنزول المنى فليس ذلك حراماً أصلاً لأن القرآن لم يفصل لنا تحريمه. كان ممن كرهه "إبن عمر" و"عطاء" وممن أباحه إبن عباس والحسن وبعض كبار التابعين، وقد قال الحسن "كانوا يفعلونه في المغازى".

إذن في الإسلام أيضاً الأمر مختلف عليه وليست فيه الكلمة اليقين بالنسبة للعادة السرية أو الإستمناء. نأتي إلى الكنيسة الكاثوليكية الحديثة والتي ظلت متمسكة بالرأي القديم ففي إعلان الفاتيكان لأخلاقيات الجنس والذي صدر في 29 ديسمبر 1975 أعلن أن "العادة السرية إضطراب داخلي خطير وإثم عظيم"، وقد نظر قادة الكنيسة إلى هذه العادة على أنها فعل غير طبيعي لأن هدف التكاثر أو غاية التناسل ليست متوافرة، ووصفوها على أنها إمتهان للنفس أو تدنيس للجسد وتلويث للروح. ظلت الإتهامات والإدانات والتحريمات حتى القرن الثامن عشر تدور في إطار الكتب المقدسة، وأوامر ونواهي رجال الدين حتى جاء الطبيب السويسري "تيسوت" (1728-1797) وزخرفها علمياً ومنحها إطاراً طبياً مزيفاً مما زاد من سوء سمعتها أكثر وأكثر، فتحولت العادة السرية من مجرد إثم وذنب إلى علة ومرض!.

كتب الطبيب السويسري أن كل الأنشطة الجنسية خطيرة وضارة لأنها تدفع الدم إلى منطقة الرأس تاركة باقي أعضاء الجسم خالية منه، ويتسبب ذلك في تحلل الأعصاب وباقي الأعضاء الحيوية، وبالتالي سيؤدى تحلل الأعصاب إلى الجنون!، وكان" تيسوت" يعتقد أن العادة السرية بالذات هي أخطر نشاط جنسي على الإطلاق لأنها تبدأ في أكثر سنين العمر حيوية، ولأن الإحساس بالإثم والذنب المصاحب لها يضاعف من تدمير الجهاز العصبي. أصبحت المصحات النفسية تراقب المرضى حتى لا يقعوا أسرى هذه العادة، وبمرور الوقت عبرت مفاهيم ومعتقدات هذا الطبيب السويسري المحيط الأطلنطي وسرت آراؤه كالنار في الهشيم، وإكتسبت العادة السرية نتيجة لذلك الإنتشار أبعاداً خطيرة، وصورة قبيحة، وصارت سبباً لكل مرض وبلاء، وإليكم عينة من الأمراض التي أعتقد الناس في ذلك الوقت أنها من نتائج العادة السرية، فبالإضافة إلى الجنون إنضم إلى القافلة الصرع وحب الشباب والهزال وضعف التركيز وفى النهاية الموت المبكر!

وقع الآباء أسرى هستيريا القلق على أبنائهم، وصار همهم الأساسي هو الحفاظ عليهم من هذا الخطر الداهم، وصار أيضاً من واجبات الأطباء الأساسية أن يضعوا حداً لهذا الخطر، وتم الإستنزاف المنظم والهائل للطاقة والمال بغرض الشفاء من العادة السرية بداية من الأحزمة المحكمة والأقفال والأقفاص التي تحمى الأعضاء الجنسية من الأيدي العابثة، ووصولاً إلى التدخل الجراحي الذي يترك جزءاً صغيراً من العضو لا يسمح بالمداعبة!

دخل الأمريكان الحرب ضد العادة السرية بمنطق جديد وهو إذا كانت هذه العادة هي الطعام الذي يشتهيه الجميع فلو منعنا المشهيات التي تفتح النفس لإلتهام هذا الطعام أو ممارسة هذه العادة فسنكون قد نجحنا في القضاء عليها، لذلك وضعت قائمة ممنوعات طويلة منها الكحوليات والمأكولات البحرية والملح والفلفل والجيلي والشيكولاته والخل والقهوة....وغيرها، وزادت طوابير المتهمين حتى كادت أن تشمل كافة الأطعمة التي شك فيها الأطباء بأنها تثير الأعصاب وتزيد من الرغبة الجنسية. بجانب منع الطعام أضيفت أسلحة أخرى للمواجهة، فقد حذر الأطباء من البنطلونات الضيقة والإحتكاك بأغطية السرير عند النوم، ومداعبة الأعضاء الجنسية عند التبول، ولمسها بالنسبة للأطفال عند الإستحمام بواسطة الأب أو الأم.

لكن ماذا لو فشلت كل هذه الإحتياطات في منع ممارسة العادة السرية؟

 الحل أيضاً موجود، ولكن بخطوات أكثر قسوة وعنفاً وميلودرامية، كان الحل الجاهز في روشتات الأطباء وقتها أن يرتدى الطفل جاكتاً محبوكاً على كل جسده وقت النوم، ولفه في ملاءة باردة حتى تبرد الرغبة وتثلج الشهوة، ثم تربط يداه في أعمدة السرير!، وقد وافق مكتب براءات الإخترعات الأمريكي وقتها على عدة أشكال وتعديلات مختلفة لحزام العفة والذي كان منتشراً في العصور الوسطى، وينصح الآباء بعمل مفاتيح لغلق هذا الحزام قبل نوم الطفل والحفاظ عليه في مكان أمين.

في مطلع القرن العشرين تطورت أدوات كبح ومنع جديدة تتناسب مع التطور التكنولوجي الذي أحدثته الثورة الصناعية، فتم إختراع القفاز المعدني الذي يشل اليد عن محاولات "الدعبسة" الليلية الشيطانية، بالإضافة إلى وسيلة تحذير شبيهة بالجرس ترن في حجرة الوالدين عند أي حركة أو محاولة الخروج على النظام والآداب العامة!

لم يقنع العقل البشرى في حربه ضد العادة السرية بمثل هذه الوسائل المؤقتة والحلول المرحلية، فهم لا يريدون رصاصاً أو قنابل زمنية ولكنهم يريدون النابالم والقنابل الذرية، ولذلك أجهد الأطباء أنفسهم حتى يستريح ضميرهم نهائياً ويخلدون إلى الراحة دون أن ينقض عليهم صوت فحيح النشوة الناتجة عن هذه العادة الشيطانية في رأيهم!

ولذلك هداهم تفكيرهم إلى حلول ثورية وجذرية مثل: وضع ديدان العلقة على الأعضاء الجنسية لإمتصاص الدم وتخفيف الإحتقان الذي كانوا يعتقدون أنه السبب الرئيسي في تأجج رغبتهم الجنسية. الكي بتيار كهربائي أو بمكواة ساخنة لكي تنصهر الأعصاب وتموت الرغبة.

أكثر الحلول جذرية كانت إخصاء الرجل وختان المرأة، وإنتشر هذا الحل فيما بين عامي 1850 و 1860، لدرجة أن الدوريات العلمية الأمريكية وقتها أكدت على أن أفضل الحلول والعلاجات للجنون هو الإخصاء، ولم تخف حدة المعركة أو تنطفئ نيرانها المشتعلة إلا حينما بدأت الهدنة في السنين الأولى من هذا القرن، خاصة في المجتمع الأمريكي حين بدأ الأطباء هناك يفضون الإشتباك، ويهاجمون الإرتباط الشرطي فيما بين العادة السرية والجنون.

تمرد بعض الأطباء الشبان هناك وأعلنوا بشجاعة أن السيدات يمارسن العادة السرية للتخفيف من الهستيريا، والرجال يمارسونها بدلاً من إصطياد العاهرات أو الوقوع في مستنقع الأمراض التناسلية مثل الزهري والسيلان، ولكن لا تستعجل عزيزي القارئ فنحن لم نصل بعد إلى توقيع إتفاقية السلام بين العادة السرية والعقل البشرى، ولكي نتأكد من ذلك فلنقرأ تقريراً طبياً بتوقيع د.سكوت الذي كتبه 1930 يحذر فيه من الأنشطة التي تثير الشهوة وتؤدى إلى العادة السرية مثل التسلق وركوب الدراجات والجلوس على ماكينات الخياطة، وأكد فيه أن أقصر الطرق للعته والجنون والشيخوخة المبكرة هو طريق العادة السرية التي تؤدى أيضاً إلى الصداع والبلادة وإلتهاب الأعصاب وعدم وضوح الرؤية.

أظن أنها أخطر وثيقة إتهام، ولكن هل إستمر الطريق في إتجاه واحد، وإدانة على طول الخط، أم أن العلم كان له رأى آخر؟ المواقف المعاصرة من العادة السرية سرد موقف العلم المعاصر من مسألة العادة السرية لا يعنى أننا نبغي أن نقول أن المواقف قد تغيرت من النقيض إلى النقيض، فالشك ما زال سارياً، والتوجس مازال مسيطراً، والناس ما زالوا يتهامسون بأن العادة السرية تجعل الشعر ينمو في باطن اليد وتشوه الأعضاء التناسلية (مفهوم غربي)، وأن من يمارس العادة السرية ينكح يده، ومن ينكح يده كأنما نكح أمه ( مفهوم شرقي)، ووصل الأمر إلى حد أن العقم حملت وزره العادة السرية التي أصبحت شماعة الخطايا البشرية.

كانت بداية تغيير المواقف وتبديل المفاهيم، أبحاث وتقارير عالم النفس "كينزي" الشهيرة في نهاية الأربعينات وأوائل الخمسينات والتي أدت بالتالي إلى تغيير ولو طفيف في مواقف ومفاهيم رجل الشارع، وتوالت الأبحاث بعد ذلك وأثبتت وأكدت هذا الموقف الجديد تجاه العادة السرية، ففي تقرير ل"مورتون هنت" وجد أن واحداً من كل ستة رجال، وواحدة من كل ست نساء في الفترة العمرية ما بين 18 و34 سنة يعتقد أو تعتقد أن العادة السرية خطأ، أما فوق ال 45 سنة فإن الثلث أدان هذه العادة.

في تقرير آخر لـ "كوتن" 1974 سأل 230 طالباً في سن الجامعة و205 طالبة في نفس السن عن العادة السرية، فوجد أن معظم من كان لا يمارسها أحجم عنها نتيجة لنقص الرغبة، وكان من ضمن هؤلاء الذين لم يمارسوها 32% من الرجال و14% من النساء، يفكرون فيها كمضيعة للوقت والجهد وكفعل غير أخلاقي، بينما كانت نسبة ضئيلة منهم ترجع هذا الإمتناع إلى إحساس بالذنب أو إلى أسباب دينية.

وفى البحث الذي أجرى 1987 بواسطة " أتوود وجاجتون" وقد توصلا إلى أن 40% من الذين لم يمارسوا العادة السرية لم يفعلوا ذلك لأسباب أخلاقية. من الطريف أن نقتبس فقرة تناسب ما نتحدث عنه من قصة للروائي "فيليب روث" يقول فيها على لسان إحدى شخصيات أعماله "إنها نهاية سنة النضج في المدرسة العليا وأيضاً في عادتي السرية، حيث أنني إكتشفت في أسفل قضيبي عند إتصال جذع القضيب برأسه بقعة متغيرة اللون، شخصوها على أنها نمش، إنها ليست كذلك بل هي سرطان، لقد سببت لنفسي السرطان، كل هذا الإحتكاك الذي أحدثته بلحمي أصابني بمرض لن يشفى، وأنا لم أصل بعد للرابعة عشرة، في الليل وعلى سريري إنهمرت دموعي، صرخت لا.. لا أريد أن أموت. أرجوكم لا.. ولكن بعد ذلك ولأني سأصير جثة متعفنة بعد لحظات، فقد إرتعشت مختبئاً في جوربي".

هذا الرعب والفزع الذي إجتاح بطل هذه القصة أظنه إنقلب هذه الأيام إلى إطمئنان وقبول بان تلك العادة ليست بهذه الخطورة، بل هي شئ عادى، ولكن مازال هناك تحت السطح جزء مختفٍ من ذلك الجبل الثلجي الطافي، وهو بلا شك معظم تكوين ذلك الجبل، والجزء المختفي عبارة عن شكوك تعتمد على أربعة مفاهيم مازالت لها بعض السيطرة والتسلط على العقول وهى:

1- العادة السرية ذنب وإثم: يستند هذا المفهوم إلى أساس أخلاقي وديني وهو بلا شك أساس قوى، له مهابة وقدسية، وقد وجد "دب مارتينو" 1979 إن نسبة من يمارسون العادة السرية بين المتدينين أقل منها بين غير المتدينين، أو الذين لا تربطهم بالدين علاقات وثيقة.

2- العادة السرية شئ غير طبيعي: وهو ما يرد عليه العلماء بسؤال آخر هو، ما هو مقياسكم للطبيعي؟، وإذا كنتم تتحدثون عن الطبيعي فالمملكة الحيوانية كما ذكرنا من قبل بها العديد من الحيوانات التي تمارس العادة السرية، ويردون أيضاً بالتقارير التي لا حصر لها والتي تثبت ممارسة الأطفال لهذه العادة.

3- العادة السرية من الممكن أن تكون جزءاً من مراحل النمو: ولكن البالغين الذين يظلون على ممارستها ليسوا ناضجين.. هذا ما تؤيده نظرية "فرويد" التي تؤكد على أن ممارسة البالغ للعادة السرية هي دليل واضح على عدم نضجه، وعرض من أعراض تأخره، لكن معظم الباحثين في علم النفس المعاصر يعتقدون أن العادة السرية نمط شرعي جداً من أنماط النشاط الجنسي.

وهذا الشد والجذب بين النظريتين في اعتقادي ناتج عن مفاهيم مختلفة للتطور والنضج داخل مدارس علم النفس، فلا توجد دراسة علمية واحدة رصينة وواضحة تظهر أن من يمارس العادة السرية هو أقل نضجاً عن نظيره الذي لا يمارسها أو يستنكرها، لكن البعض يعتقد وهذه نقطة جديرة بالبحث والدراسة، أن صفة عدم النضج تطلق حينما تكون هذه الممارسة هي الوحيدة، أو حينما تمارس بشكل قهري، أو تصبح نشوته الجنسية مقصورة على هذا النمط من النشاط الجنسي برغم وجود البديل السهل والمتاح والجاهز ...الخ، هنا تكون العادة السرية دليلاً على عدم النضج.

4- العادة السرية تميل إلى أن تصبح تعوداً وإدماناً: ومن الممكن أن تعطل أو تمنع نمو الوظائف الجنسية الصحية، ويهاجم علماء النفس المعاصرون هذا المفهوم بشدة، ويعتبرونه ردة لمفاهيم ومعتقدات القرن التاسع عشر، بل على العكس يؤكد بعضهم وعلى رأسهم "دي مارتينو" أن نقص هذه الخبرة "العادة السرية" ستؤدى إلى مشاكل جنسية كثيرة مثل الضعف الجنسي عند الرجل، والبرود الجنسي عند المرأة، وأكثر من ذلك إستخدم بعض الباحثين هذه الخبرة وعلى رأسهم دكتورة "كابلان" في برامجهم العلاجية بالإضافة إلى الفوائد العلاجية السابقة أصبح واضحاً الآن أن العادة السرية من الممكن أن تكون لها فوائد أخرى في نظر هؤلاء العلماء المعاصرين، فمثلاً هي تمثل "مخرجاً جنسياً متاحاً وممتعاً في نفس الوقت في حالة عدم وجود شريك حياة أو رفيقة درب وخاصة في كبار السن"، وأيضاً "حلاً لمن يملكون طاقة جنسية أو رغبة جامحة في وقت لا يستعد فيه الطرف الآخر لتلبية مثل هذا الجموح في هذه اللحظة"، وبما أننا في عصر الإيدز اللعين فقد إعتبرت "كابل" هذه العادة وسيلة من الوسائل الهامة جداً لممارسة جنس آمن بدون إيدز.

وأخيراً فهي وسيلة للتخلص من التوتر مما يساعد الشخص على أن يستريح من البخار المكتوم. كل فيما يعشق مذاهب لا ينطبق هذا العنوان على سلوك جنسي قدر إنطباقه على العادة السرية، فمتى إكتشف الشخص –رجلاً كان أو امرأة– صندوق النشوة السحرية وامتلك مفتاحه فإنه يظل يبحث وبدأب شديد عن طرق وبدائل ووسائل مختلفة ومتباينة للاستفادة مما في هذا الصندوق، فيصبح سندباداً لا يرسو على شاطئ محدد، وكلما تخيل المنتظرون على الشاطئ الآخر أنه سيحط رحاله عندهم، فرد الشراع إلى ناحية أخرى وإتجاه مختلف وتركهم في إنتظار جودو.

لاحظ عالما الجنس "ماسترز وجونسون" في دراستهما المنشورة 1966 أنه لا توجد إمرأتان تمارسان العادة السرية بنفس الأسلوب والطريقة، أما الرجال عامة فكأنهم يملكون "ورق كربون عام" لأنهم عادة يتشابهون في الطريقة والأسلوب. ما سنعرض له الآن ليس حصة في البرامج التعليمية لكيفية ممارسة العادة السرية، لأن الكل يمارس وبطريقته الخاصة وبدون الرجوع إلى مراجع أو كتالوجات أو دروس خصوصية، لكننا سنناقش كيف يمكن للعلم أن يقتحم أموراً حساسة وغامضة ويشرحها بمشرطه الموضوعي، ويضعها على مائدة البحث ليفض غلالة غموضها وتناقضها، إنها محاولة للرصد نعلم أن عواقبها وخيمة.

بالنسبة للمرأة فإن طريقتها في العادة السرية والأكثر إنتشاراً هي مداعبة البظر أو منطقة العانة أو الشفرتين بالإحتكاك أو بالضغط أو بالإهتزاز... هذه هي أكثر الوسائل تكراراً كما ذكر "ماسترز وجونسون"، وكل هذه الطرق والوسائل تبغي في النهاية شيئاً أساسياً وهو إثارة البظر، عضو الإحساس الجنسي عند المرأة لأن إثارته المباشرة نادرة الحدوث في العادة السرية نظراً لحساسيته الشديدة، ولأن الإثارة القوية التي تستخدم في مكان معين منه في كل وقت ستؤدى لتقليل المتعة والنشوة بالتدريج، لأن البطر وقتها سيصبح فاقداً لأحاسيسه وإستجاباته السابقة، وقد وجد الباحث "كينزي" في أبحاثه المنشورة في بداية الخمسينات أن نسبة 20% من السيدات يمارسن العادة السرية بإدخال الأصابع أو أشياء أخرى للإثارة، وفى بحث آخر لهيت 1977 ذكر أن نسبتهن لا تتعدى الـ1،5%، وقد ذكر كينزي أيضاً أن حوالي 11% من السيدات حين يمارسن العادة السرية يشركن الثدي في هذه المهمة كمنطقة تجلب النشوة لهن.

تتوالى الأرقام الطريفة فقد وجد "هيت" أن نسبة 5.5% من العينة التي أجرى عليها البحث كانت تمارس العادة السرية وهى مستلقية على البطن، وبعضهن يفضلن ممارستها بالإحتكاك بأشياء مثل الوسائد أو الكراسى أو أركان المائدة أو..... ووجد هيت في بحثه أن 3% منهن يمارسنها بضم الفخذين بحركة إيقاعية منتظمة. وتتعدد الأبحاث والإحصائيات والوسائل التي منها العادي والمعروف ومنها أيضاً الغريب والعجيب من صاحبات العقلية الإبتكارية، مثل أجهزة الإهتزاز وفرشاة الأسنان الكهربائية...وغيرها.

العادة السرية عند الرجل معروفة ومباح كشفها، والكلام عنها لا يعتبر من قبيل الجرأة والإبحار ضد التيار، لأن الرجل زعيم القبيلة وسيدها، وقد كفل له المجتمع ألا "ينكسف" من شئ، فالخجل والكسوف وإطراقة الرأس والصوت الهادئ والجلسة على طرف الكرسي وهروب العينين من المواجهة وحفظ الأسرار في خزانة لها ألف باب ومليون مفتاح ورقم سرى... كل هذا أنثوي ومن نصيب المرأة في الميراث الذي سمح به المجتمع.

وطريقة حك القضيب باليد هي المألوفة والمعروفة لدى كل الرجال، وعادة ما يثير الرجل نفسه ويركز إنتباهه على منطقة ما قبل رأس القضيب مباشرة، ويقرر ماست رز وجونسون في البحث المنشور 1979 أن إثارة كيس الصفن المحيط بالخصيتين أو رأس العضو بطريقة مباشرة تحدث قليلاً بين الرجال، ويسرع الإيقاع دائماً كلما إقترب الرجل من قمة النشوة، أما عند القذف فيصنف "ماسترز وجونسون" الرجال تبعاً لإستجابتهم إلى ثلاثة أصناف أو أقسام، الأول يبطئ ويتمهل عند القذف، والثاني يمسك بشدة وكأنه يقبض على عضوه، أما القسم الثالث فيوقف أي زيادة في الإثارة، وقد ذكر كينزي ومارتين 1948 أن نسبة بسيطة من الرجال تفضل الإحتكاك بالسرير أو بالوسادة وأيضاً إدخال العضو في شئ مجوف تشبهاً أو إستحضاراً لعملية الجماع نفسها، وقد ذكر البحث أشياء طريفة إبتكرها الرجال موضوع البحث لمثل هذا الإستحضار وهى عنق زجاجة اللبن أو قطعة صلصال مشكلة وكأنها مهبل!. لم تقف التكنولوجيا الحديثة أمام هذا الموضوع مكتوفة الأيدي فكما خدمت المرأة في الـ `VIBRATORS`، خدمت الرجل أيضاً في العرائس التي تصنع من المطاط والتي يمكن نفخها ومجهزة بفم مفتوح وثديين ومهبل وشرج.... بل وجهاز شفط!!، وزيادة في الخدمة فهي إما أن تستعمل يدوياً أو كهربياً لخدمة الرجال الذين يعانون من إفتقاد الشريك، هذه الأجهزة أو العرائس من الممكن إستخدام الدهانات أو الكريمات فيها أو إضافة ما يجعلها تهتز أو تدفئ، ولكن في أحيان كثيرة تطولها عيوب الصناعة مثلها مثل الغسالات والثلاجات وتتسبب في أضرار ومخاطر كبيرة لمن يستعملها.

أما أكثر الأنواع ندرة والتي ذكرها أيضاً كينزي ومارتين في أبحاثهما السابقة فهي ممارسة الرجل للعادة السرية بفمه وقد أحصاها البحث بإثنين من كل ألف!، والأكثر ندرة هو غرس شئ في قناة مجرى البول أو الإثارة عن طريق مداعبة الثديين، وطرق أخرى من قبيل العجائب والغرائب التي مكانها موسوعة جينز. نكرر أنه لا يوجد موضوع مهما بلغت حساسيته يستعصى على البحث العلمي، فالعلم إستطاع أن يخترق أسوار حجرات النوم ودورات المياه ويضع ما يحدث فيها تحت المجهر.