
لا شك أن مسألة تعرض الأطفال الصغار للمواقع والأفلام الجنسية الإباحية بات يشغل بالنا كأهل وكمربين، بل ويضعنا في وضع محير وحرج في آن واحد. إذ أن الانفتاح وسيولة المعلومات في عصر الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي، نجح إلى حد ما في "مصادرة" جزء من دورنا التربوي، لا سيما ذلك المتعلق بمبدأ التدرج في المعلومات حسب الفئة العمرية، وانتقاء المضامين التربوية لتكون الأرضية للحوار مع الأولاد حول مواضيع الجنسانية.
فالتكنولوجيا العصرية استدخلت الدعاية الجنسية وأفلام الإثارة في كل المواقع، بحيث نجدها تحتل شاشة الكمبيوتر تقريبا بكل صفحة جديدة، بالألعاب، الأغاني على اليوتيوب، وفي عمليات البحث عن أي موضوع كان. ناهيك عن الضغط الجماعي الذي يتعرض له الأطفال الصغار في المدرسة أو في حلقات الأصدقاء، حيث يحصلون على عناوين لمواقع جنسية من بعض الأصدقاء ويقومون بزيارتها وتصفحها، بدون علم الأهل.
هذه الحالة تشعرنا كأهل بفقدان السيطرة لأننا لا نعرف ما هو الأسلوب الأفضل في التعامل مع هذه القضية. فمن جهة الطفل لا يزال صغيرا (10 سنوات في حالة ابنك) ولم تكتمل لديه بعد مرحلة تذويت المفاهيم الأساسية في التربية الجنسانية وفي فهمه للمراهقة والتغييرات المرافقة لها؛ ومن جهة أخرى، دخل دائرة التعرض للمواد والمواقع الجنسية الإباحية في سن مبكرة مما يؤدي لعملية تشويه في المفاهيم الاساسية في التربية الجنسية.ولا بد من التحدث عنها مباشرة وبلغة بسيطة تحترم عقله.
دعينا نبدأ من البداية :
• ينصح أخصائيو التربية بعدم وضع جهاز الكمبيوتر المتصل بالإنترنيت في غرفة الطفل، بل في مكان عام بالمنزل، وبذلك نكون قد ضمنا - نسبيا - حالة الرقابة على المضامين التي يتعرض لها، وبالطبع نضمن عدم تعرضهها لأي اعتداء أو استغلال جنسي عبر الانترنيت.
• من الضروري التحدث عن التغيرات الجسمية والمشاعر الجنسية المرتبطة في مرحلة المراهقة والتغييرات النفسية التي تتأثر بمستوى الهرمونات في جسم المراهق. الحديث الصريح والمباشر سيشجع الطفل على السؤال وعلى المشاركة بأفكاره وبخبراته مع زملائه خلال الساعات التي يكون بها خارج المنزل.(من الممكن مراجعة الروابط في أدنى الصفحة حول هذا الموضوع).
• من المهم إظهار "التعاطف" مع الطفل الذي "رضخ" للضغط وشاهد الأفلام لسبب أو لآخر. بمعنى أن نؤكد له على تفهمنا لحاجته بالاستكشاف والتعرف على هذا العالم ...الخ
• التأكيد على مبدأ أن هناك خصوصيات لمرحلة الطفولة وأخرى لمرحلة ما بعد البلوغ وأن الأفلام الإباحية الجنسية أُعدت للبالغين وليس للصغار ، كون البالغين قادرين على التمييز بين ما هو حقيقي وواقعي وبين ما هو خيالي وتجاري لأن لها أثر سلبي عليهم. بإمكان البالغين الحاصلين على رخصة فقط سياقة السيارة، بينما الأطفال لا يمكنهم فعل ذلك.
• ألتأكيد على أن لهذه الأفلام أثر شبيه بالإدمان، بمعنى أن الشخص تتولد لديه الرغبة في رؤية المزيد ولا تتوقف الحاجة عند الفيلم الأول.
• علينا أن نضع "العلاقات الجنسية" في السياق الأخلاقي الملائم لكل أسرة، وعلينا التأكيد على أن الشروع بالعلاقات الجنسية يتطلب بالأساس نضجا نفسيا وعقليا، بالإضافة إلى النضج الجسمي.
• الأفلام الجنسية تبالغ في "تشييء" النساء، بمعنى انها تُظهر النساء على أنهن مجرد أجساد " جميلة" وجدت لتلبية حاجات الرجل.
• الأفلام الجنسية تجعل الفتيان يفهمون العلاقة بين شخصين على أنها عابرة، جنسية بالأساس، سريعة، لا حاجة لاستثمار جهد نفسي وعاطفي وعقلي لبناءها وتطويرها
• الرجال في هذه الأفلام يشكلون "مثلا أعلى" للرجولة والأداء الجنسي وبالتالي يُشعرون الأولاد الذكور وكأنهم يعانون من نقص لأن أجسامهم وأحجام أعضائهم الجنسية لا يقارن مع هؤلاء الممثلين.
• أخيرا، من المهم سماع رأي الطفل بهذه النقاط وماذا يشعر بعد أن قمت بتوضيحها له. عليك أن تؤكدي له بأنك تثقين به وبأنك تتوقعين منه الالتزام بعدم الدخول إلى هذه المواقع.
قد تبدو النقاط الواردة أعلاه كأنها معقدة لا تلائم مستوى فهم طفل في العاشرة، ولكن ستفاجئين بمدى استعداده للخوض في النقاش حولها. صدقك في التعامل معه سيجعله شفافا ويشركك في تفاصيل لم تكوني على اطلاع عليها من قبل.
بالطبع، لا ضمانه على أنه لن يتصفح هذه المواقع مستقبلا، ولكن المضمون هو أنه سيتعامل معها بتفكير نقدي وليس كمتلقي سلبي تابع.
نتفهم قلقك المتعلق بالقرب النفسي والجسدي بين أولادك التوأم، في ظل ثقافة "مُستحدَثة"، تؤكد على ضرورة الفصل بين الجنسين وتشدد على "المخاطر" التي قد تنجم عن الاختلاط. ونقول "مُستحدثة" لأنها لم تكن يوما جزءا من ثقافتنا العربية التي يغلب عليها طابع العائلات الممتدة، حيث تعيش غالبية الأسر العربية في بيوت صغيرة وغرف نوم مشتركة للأخوة والأخوات، ولم تكن نسبة حالات الاستغلال الجنسي أكبر مما هي عليه اليوم، في ظل مجتمع أكثر رفاهية، ومتمكن اقتصاديا على تكريس غرف منفصلة لكلا الجنسين من الأخوة والأخوات.
من هنا نتساءل، هل يمكن أن نستنتج بأن العلاقات الأسرية داخل العائلات غير المقتدرة اقتصاديا - والتي تضطر للمبيت في ذات الغرف - هي علاقات "غير صحية" أو "علاقات شاذة" بين الأخوة والأخوات؟
الإجابة على السؤال هي النفي، إذ تؤكد الدراسات العلمية على أن الأطفال، وخصوصا في مراحل الطفولة المبكرة، وكجزء من عمليات الاستكشاف التي يقومون بها لفهم ما يدور من حولهم، هم منهمكين أيضا في استكشاف أجسامهم وأعضائهم، ويقارنون أنفسهم بالآخرين من حولهم وخصوصا الجنس الآخر. مثلا، في الحضانات ورياض الأطفال، يبدأ الطفل بفهم الفروقات الجسدية بين الذكر والأنثى نتيجة الانكشاف على الأعضاء الجنسية في المراحيض الخاصة بهم وبأوقات القيلولة وتغيير الملابس. عندما تُلبى حاجة الطفل في الاستطلاع والاستكشاف سيصبح مكتفيا ومتمكنا وبالتالي ستخبو الحاجة للاستكشاف والمعرفة في مرحلة عمرية لاحقة، قد تؤدي عملية البحث خلالها إلى انخراط الفتى أو الفتاة في سلوكيات غير سليمة. عمليات التعلم من خلال البحث والاستكشاف في مرحلة الطفولة المبكرة هي جزء لا يتجزأ من سمات هذه المرحلة وهي بمثابة الأساس في مسار التطور الإنساني عموما.
هنا يأتي دورنا التربوي كأهل وكمربين، حيث تقع على كاهلنا مسؤولية وضع "المعرفة" ضمن الحدود المتعارف عليها وذلك بهدف حماية الأطفال من التعرض للايذاء الجنسي من جهة، ومن جهة أخرى لتعزيز فهمهم بحيث لا ينخرطون في سلوكيات قد تؤذي الآخرين من حولهم.
لا ضرر في اختلاط الأخوة والأخوات ولا في مبيتهم معا في غرف مشتركة ولا حتى في لباسهم الفضفاض داخل المنزل أو تغير الملابس أمام بعضهم البعض طالما لا يزعجهم الأمر، مع التشديد على قضية الحدود وعلى الالتزام بمبدأ احترام الخصوصيات. أي محاولة من قبل الأهل للتفريق بينهم سيزيد من حجم حب الاستطلاع لديهم للمعرفة والاستكشاف لأن هذا التفريق غير "منطقي" بالنسبة لهم كصغار. لكن مع اقتراب الطفل من بداية مرحلة البلوغ والمراهقة، يبدأ تلقائيا بالمطالبة بالخصوصية والذي يتمثل في سلوكيات واضحة كإغلاق باب الحمام بالمفتاح، أو غرفة النوم خلال تغيير الملابس وغيرها من السلوكيات التي تشير على حاجة الطفلة إلى الخصوصية والحدود. هنا من الضروري أن يلعب الأهل دورا في حماية هذه الخصوصية والحدود، كأن لا تدخل الأم إلى الغرفة بدون إذن، بل ومنع أي من أفراد الأسرة الآخرين من اختراق خصوصيات بعضهم البعض، تماما كما هو مطلوب من الطفلة أن تطلب الإذن قبل دخول غرفة نوم الأبوين مثلا.
في دراسة قمنا بها قبل سنوات وجدنا أن نسبة حالات الاستغلال أو الايذاء الجنسي كانت متشابهة بين فئات المجتمع الفلسطيني، ولم يكن هناك فرق بين المدينة والقرية والمخيم. ووجدنا أن نسبة الاعتداءات كانت أعلى داخل الأسر التي تفصل بين الأخوة والأخوات وأقل بين الأسر التي نام بها الأخوة والأخوات في ذات الغرفة.
ننصحك بعدم تضييق المساحة الحميمية، البيولوجية المشتركة لطفليك التوأمين لأنها أرضية صحية لعلاقة طبيعية وطيبة وداعمة مستقبلا. مرافقتك وحرصك وتأكيدك على الخصوصية والثوابت الأخلاقية داخل المنزل، كلها كفيلة لضمان عدم انخراطهما بسلوكيات غير مقبولة. لاحقا وفي مرحلة ما، سيطالب كل منهما بخصوصيتها الخاصة ولكن حتما ستبقى العلاقة الأخوية الطيبة بينهما، وهذا ما يطمح إليه كل أب وأم.
المتوجهة العزيزة،
لا شك أن مسألة تعرض الأطفال الصغار للمواقع والأفلام الجنسية الإباحية بات يشغل بالنا كأهل وكمربين، بل ويضعنا في وضع محير وحرج في آن واحد. إذ أن الانفتاح وسيولة المعلومات في عصر الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي، نجح إلى حد ما في "مصادرة" جزء من دورنا التربوي، لا سيما ذلك المتعلق بمبدأ التدرج في المعلومات حسب الفئة العمرية، وانتقاء المضامين التربوية لتكون الأرضية للحوار مع الأولاد حول مواضيع الجنسانية.
فالتكنولوجيا العصرية استدخلت الدعاية الجنسية وأفلام الإثارة في كل المواقع، بحيث نجدها تحتل شاشة الكمبيوتر تقريبا بكل صفحة جديدة، بالألعاب، الأغاني على اليوتيوب، وفي عمليات البحث عن أي موضوع كان. ناهيك عن الضغط الجماعي الذي يتعرض له الأطفال الصغار في المدرسة أو في حلقات الأصدقاء، حيث يحصلون على عناوين لمواقع جنسية من بعض الأصدقاء ويقومون بزيارتها وتصفحها، بدون علم الأهل.
هذه الحالة تشعرنا كأهل بفقدان السيطرة لأننا لا نعرف ما هو الأسلوب الأفضل في التعامل مع هذه القضية. فمن جهة الطفل لا يزال صغيرا (10 سنوات في حالة ابنك) ولم تكتمل لديه بعد مرحلة تذويت المفاهيم الأساسية في التربية الجنسانية وفي فهمه للمراهقة والتغييرات المرافقة لها؛ ومن جهة أخرى، دخل دائرة التعرض للمواد والمواقع الجنسية الإباحية في سن مبكرة مما يؤدي لعملية تشويه في المفاهيم الاساسية في التربية الجنسية.ولا بد من التحدث عنها مباشرة وبلغة بسيطة تحترم عقله.
دعينا نبدأ من البداية :
• ينصح أخصائيو التربية بعدم وضع جهاز الكمبيوتر المتصل بالإنترنيت في غرفة الطفل، بل في مكان عام بالمنزل، وبذلك نكون قد ضمنا - نسبيا - حالة الرقابة على المضامين التي يتعرض لها، وبالطبع نضمن عدم تعرضهها لأي اعتداء أو استغلال جنسي عبر الانترنيت.
• من الضروري التحدث عن التغيرات الجسمية والمشاعر الجنسية المرتبطة في مرحلة المراهقة والتغييرات النفسية التي تتأثر بمستوى الهرمونات في جسم المراهق. الحديث الصريح والمباشر سيشجع الطفل على السؤال وعلى المشاركة بأفكاره وبخبراته مع زملائه خلال الساعات التي يكون بها خارج المنزل.(من الممكن مراجعة الروابط في أدنى الصفحة حول هذا الموضوع).
• من المهم إظهار "التعاطف" مع الطفل الذي "رضخ" للضغط وشاهد الأفلام لسبب أو لآخر. بمعنى أن نؤكد له على تفهمنا لحاجته بالاستكشاف والتعرف على هذا العالم ...الخ
• التأكيد على مبدأ أن هناك خصوصيات لمرحلة الطفولة وأخرى لمرحلة ما بعد البلوغ وأن الأفلام الإباحية الجنسية أُعدت للبالغين وليس للصغار ، كون البالغين قادرين على التمييز بين ما هو حقيقي وواقعي وبين ما هو خيالي وتجاري لأن لها أثر سلبي عليهم. بإمكان البالغين الحاصلين على رخصة فقط سياقة السيارة، بينما الأطفال لا يمكنهم فعل ذلك.
• ألتأكيد على أن لهذه الأفلام أثر شبيه بالإدمان، بمعنى أن الشخص تتولد لديه الرغبة في رؤية المزيد ولا تتوقف الحاجة عند الفيلم الأول.
• علينا أن نضع "العلاقات الجنسية" في السياق الأخلاقي الملائم لكل أسرة، وعلينا التأكيد على أن الشروع بالعلاقات الجنسية يتطلب بالأساس نضجا نفسيا وعقليا، بالإضافة إلى النضج الجسمي.
• الأفلام الجنسية تبالغ في "تشييء" النساء، بمعنى انها تُظهر النساء على أنهن مجرد أجساد " جميلة" وجدت لتلبية حاجات الرجل.
• الأفلام الجنسية تجعل الفتيان يفهمون العلاقة بين شخصين على أنها عابرة، جنسية بالأساس، سريعة، لا حاجة لاستثمار جهد نفسي وعاطفي وعقلي لبناءها وتطويرها
• الرجال في هذه الأفلام يشكلون "مثلا أعلى" للرجولة والأداء الجنسي وبالتالي يُشعرون الأولاد الذكور وكأنهم يعانون من نقص لأن أجسامهم وأحجام أعضائهم الجنسية لا يقارن مع هؤلاء الممثلين.
• أخيرا، من المهم سماع رأي الطفل بهذه النقاط وماذا يشعر بعد أن قمت بتوضيحها له. عليك أن تؤكدي له بأنك تثقين به وبأنك تتوقعين منه الالتزام بعدم الدخول إلى هذه المواقع.
قد تبدو النقاط الواردة أعلاه كأنها معقدة لا تلائم مستوى فهم طفل في العاشرة، ولكن ستفاجئين بمدى استعداده للخوض في النقاش حولها. صدقك في التعامل معه سيجعله شفافا ويشركك في تفاصيل لم تكوني على اطلاع عليها من قبل.
بالطبع، لا ضمانه على أنه لن يتصفح هذه المواقع مستقبلا، ولكن المضمون هو أنه سيتعامل معها بتفكير نقدي وليس كمتلقي سلبي تابع.
يمكنك الدخول لزاوية الاهل والوالدية وقراءة المزيد حول الموضوع
نتفهم قلقك المتعلق بالقرب النفسي والجسدي بين أولادك التوأم، في ظل ثقافة "مُستحدَثة"، تؤكد على ضرورة الفصل بين الجنسين وتشدد على "المخاطر" التي قد تنجم عن الاختلاط. ونقول "مُستحدثة" لأنها لم تكن يوما جزءا من ثقافتنا العربية التي يغلب عليها طابع العائلات الممتدة، حيث تعيش غالبية الأسر العربية في بيوت صغيرة وغرف نوم مشتركة للأخوة والأخوات، ولم تكن نسبة حالات الاستغلال الجنسي أكبر مما هي عليه اليوم، في ظل مجتمع أكثر رفاهية، ومتمكن اقتصاديا على تكريس غرف منفصلة لكلا الجنسين من الأخوة والأخوات.
من هنا نتساءل، هل يمكن أن نستنتج بأن العلاقات الأسرية داخل العائلات غير المقتدرة اقتصاديا - والتي تضطر للمبيت في ذات الغرف - هي علاقات "غير صحية" أو "علاقات شاذة" بين الأخوة والأخوات؟
الإجابة على السؤال هي النفي، إذ تؤكد الدراسات العلمية على أن الأطفال، وخصوصا في مراحل الطفولة المبكرة، وكجزء من عمليات الاستكشاف التي يقومون بها لفهم ما يدور من حولهم، هم منهمكين أيضا في استكشاف أجسامهم وأعضائهم، ويقارنون أنفسهم بالآخرين من حولهم وخصوصا الجنس الآخر. مثلا، في الحضانات ورياض الأطفال، يبدأ الطفل بفهم الفروقات الجسدية بين الذكر والأنثى نتيجة الانكشاف على الأعضاء الجنسية في المراحيض الخاصة بهم وبأوقات القيلولة وتغيير الملابس. عندما تُلبى حاجة الطفل في الاستطلاع والاستكشاف سيصبح مكتفيا ومتمكنا وبالتالي ستخبو الحاجة للاستكشاف والمعرفة في مرحلة عمرية لاحقة، قد تؤدي عملية البحث خلالها إلى انخراط الفتى أو الفتاة في سلوكيات غير سليمة. عمليات التعلم من خلال البحث والاستكشاف في مرحلة الطفولة المبكرة هي جزء لا يتجزأ من سمات هذه المرحلة وهي بمثابة الأساس في مسار التطور الإنساني عموما.
هنا يأتي دورنا التربوي كأهل وكمربين، حيث تقع على كاهلنا مسؤولية وضع "المعرفة" ضمن الحدود المتعارف عليها وذلك بهدف حماية الأطفال من التعرض للايذاء الجنسي من جهة، ومن جهة أخرى لتعزيز فهمهم بحيث لا ينخرطون في سلوكيات قد تؤذي الآخرين من حولهم.
لا ضرر في اختلاط الأخوة والأخوات ولا في مبيتهم معا في غرف مشتركة ولا حتى في لباسهم الفضفاض داخل المنزل أو تغير الملابس أمام بعضهم البعض طالما لا يزعجهم الأمر، مع التشديد على قضية الحدود وعلى الالتزام بمبدأ احترام الخصوصيات. أي محاولة من قبل الأهل للتفريق بينهم سيزيد من حجم حب الاستطلاع لديهم للمعرفة والاستكشاف لأن هذا التفريق غير "منطقي" بالنسبة لهم كصغار. لكن مع اقتراب الطفل من بداية مرحلة البلوغ والمراهقة، يبدأ تلقائيا بالمطالبة بالخصوصية والذي يتمثل في سلوكيات واضحة كإغلاق باب الحمام بالمفتاح، أو غرفة النوم خلال تغيير الملابس وغيرها من السلوكيات التي تشير على حاجة الطفلة إلى الخصوصية والحدود. هنا من الضروري أن يلعب الأهل دورا في حماية هذه الخصوصية والحدود، كأن لا تدخل الأم إلى الغرفة بدون إذن، بل ومنع أي من أفراد الأسرة الآخرين من اختراق خصوصيات بعضهم البعض، تماما كما هو مطلوب من الطفلة أن تطلب الإذن قبل دخول غرفة نوم الأبوين مثلا.
في دراسة قمنا بها قبل سنوات وجدنا أن نسبة حالات الاستغلال أو الايذاء الجنسي كانت متشابهة بين فئات المجتمع الفلسطيني، ولم يكن هناك فرق بين المدينة والقرية والمخيم. ووجدنا أن نسبة الاعتداءات كانت أعلى داخل الأسر التي تفصل بين الأخوة والأخوات وأقل بين الأسر التي نام بها الأخوة والأخوات في ذات الغرفة.
ننصحك بعدم تضييق المساحة الحميمية، البيولوجية المشتركة لطفليك التوأمين لأنها أرضية صحية لعلاقة طبيعية وطيبة وداعمة مستقبلا. مرافقتك وحرصك وتأكيدك على الخصوصية والثوابت الأخلاقية داخل المنزل، كلها كفيلة لضمان عدم انخراطهما بسلوكيات غير مقبولة. لاحقا وفي مرحلة ما، سيطالب كل منهما بخصوصيتها الخاصة ولكن حتما ستبقى العلاقة الأخوية الطيبة بينهما، وهذا ما يطمح إليه كل أب وأم.
برمجة و تطوير :: انتيتيز تكنولوجيز